الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

دِمَشْقُ الحَضَارةِ

 

شعر اللواء محمد طارق الخضراء

يا شـــــــــــــامُ مَجدُكِ في العُلا نَوَّارُ
أنْـتِ الأصـــــــالةُ للورى وفخارُ
فيكِ الحضـــــــــــــارةُ والكتابةُ أيْنَعَتْ
فَتَثاقَفـــتْ مِنْ عِلمِكِ الأقطارُ
من غابرِ التّاريخِ شَـــــــــــــعْبُكِ زاخرٌ
فيـــــــهِ الرِّيـــــــــــادةُ عِزَّةٌ وَعَمارُ
مِنْ يـــــــــومِ آرامَ الأوابِـــــــــــــــــدُ مَعْلَمٌ
في كــــــــــــلِّ أرجاءِ البلادِ منارُ
ودمشقُ مـــــــــــن قِدَمِ الزَّمــــانِ بَهِيَّةٌ
فيهــــــــــــــــا الثقافةُ للورى نوَّارُ
تزهـــــــــو بغوطَتِها وَســـــحْرِ جَمالها
بالياســـــــــــمينِ أريجُها مِعْطارُ
تســـــــقيهِ من بردى ومنْ نَبْعٍ همى
فيضوعُ عطراً والندى مِدْرارُ
وبيوتُهــــــــــــا كانــــت تُهامِسُ بعضَها
والناسُ أهلٌ في الوفا أسرارُ
فانظرْ دمشقَ هنا وكيفَ تمازجَتْ
فيها الحضارةُ للشُّعوبَ مَدارُ
مِنْ يومِ كنعـــــــــــانَ العراقةُ رُسِّخَتْ
وتطوَّرت في الآبــــــــــداتِ ديارُ
فينيقُ جــــــــــــــــاءتْ بعدها بصناعةٍ
راجَتْ بهــــا عبرَ البحار بحارُ
فكأنَّ بحـــــــــــــــــــرَ الشّامِ مركزُ عزَّةٍ
طافــــــتْ به الفرسانُ والتُّجّارُ
من بعــدها الإغريقُ والرُّومانُ في
غَــــــزْوِ الشَّآمِ تناوبوا وانْهاروا
والفُرْسُ كان لهـــــم نصــــــيبٌ وافرٌ
كلُّ الغزاةِ لأرضها قد غاروا
كانَتْ شــــــعوبُ الشّامِ نَبْعَ حضارةٍ
جـــــــــــــاءتْ بها عدنانُها ونزارُ
طوبى لأهلِ الشّــــــــــــــــــامِ عِزٌّ غابرٌ
ســـــــيعود يوماً مجدُها والغارُ
والخصــــــــبُ في كلِّ الرُّبوعِ أزاهرٌ
قــــــــــــمحٌ ومحصولٌ بها وثمارُ
واللهُ يحـمـــــيها وَيُعـــــــــلي شـــــــأنها
منــــــذُ القديمِ وباركَتْ عشْتارُ
والقـــــدسُ كانتْ من دمشقَ قريبةً
وعـــــــــــــزيزةً كانت وكان جوارُ
وُلِدَ المـــــــــسيحُ بها فكــــــــان بهاءها
في قوم عيسى الخَيْرُ والإعْمارُ
فيها القداسَــــــــــةُ منذ آدمَ صَرْخَةٌ
وإذا بهــــــــا بعد الرَّسولِ مزارُ
القِبْلةُ الأولى وفــــــــــــي معـــــــــراجِهِ
للـــــمـــنتهى الإعْجـــازُ والإكْبارُ
جعل الإلهُ مِنَ الشّـــــــــــــــَآمِ وحولها
للنّـــــــــاس رمزاً والهدى أقدارُ
والفتحُ في الإسلام كَيْفَ توحّدتْ
فيـــــــــــــــــه العروبةُ كُلُّها والدَّارُ
ودمشقُ عاصمةٌ لإســــــــــــــلامٍ غدا
متــــــــــــرامياً مجداً لهُ أمصارُ
فيها الكنائسُ والمســـــــــــاجدُ إخْوةٌ
وَمَحَبَّةٌ بين الجــــمــــــــيعِ شعارُ
والمسْجِدُ الأمَوِيُّ صَـــــرْحُ حَضَارةٍ
فيـــــهِ الزَّخارِفُ والفنونُ بَهارُ
وتفاعلتْ في الشَّرقِ أقـــــــوامٌ أتتْ
أرضَ الشَّآمِ فأشــرقتْ أفْكارُ
واليومَ يطمعُ بالدِّيارِ غُـــــــــــــــــــزاتُها
يستوطنونَ الأرضَ وهي حِصارُ
وَيُقَتِّلونَ النّاسَ دون مـــــــــــــــــــــــــبرِّرٍ
فإذِ الخرابُ يحيطُهمْ وجدارُ
في غزَّةِ الأحرارِ وقْفةُ عِـــــــــــــــــــزَّةٍ
فيها البسالةُ والفِدى إعْصارُ
والعالمُ المنحازُ ينصرُ ظالمــــــــــــــــــــاً
فَيُحــــــــــاصَرُ الأطفالُ والثُّوّارُ
ويَرَوْنَ كيفَ الجوعُ يقتلُ أهلنــــــــــــا
والصَّمْتُ يُطْبِقُ والحقوقُ دِثارُ
يا مجلساً للأمنِ شاهِدْ ها هُنــــــا
حـــــــــقَّ المـــــــــــــواطنِ كُلَّهُ ينهارُ
لكنّ شعبَ المجدِ لنْ يخشى الرَّدى
والنَّصرُ في ساحِ الوغى إصرارُ
مِنْ أهلنا في الشّامِ سِرُّ صمودنا
فدمشقُ فيها الحصنُ والأحرارُ
وبقاسيونَ الغارُ يشمخُ رائـــــــــــــداً
كــــــــي يدحَرَ الليلَ البهيمَ نهارُ
يا قائدَ التحريرِ أنتَ فخــــــــــــارُنا
أنــــــــــــتَ الشهامةُ والعلا بشّارُ
فاجمعْ شتاتَ العُرْبِ وحِّدْ صَفَّهُمْ
حــــــتى يُجَلجِلَ عزْمُهمْ وشِفارُ
ويكونُ يومُ النَّصرِ من نَعْمــــــــائكُمْ
فــــــالسَّيْفُ في يَدِ فارسٍ بَتَّارُ