مخيم الركبان.. كارثة إنسانية وواشنطن تحتجز قاطنيه قسراً
جدّد الرئيس اللبناني العماد ميشال عون التأكيد، خلال لقائه في قصر بعبدا وزير الدولة لدى وزارة الخارجية الاتحادية الألمانية نيلس أنين، “أن متابعة عودة المهجرين السوريين إلى بلادهم ستكون من أولويات الحكومة اللبنانية”، مطالباً المجتمع الدولي بالمساعدة في عودة المهجرين السوريين إلى وطنهم وعدم عرقلة ذلك، فيما أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن القوات الأمريكية التي تنتشر بشكل غير شرعي في منطقة التنف تواصل احتجاز قاطني مخيم الركبان رهائن وتمنعهم من مغادرته، مشدداً على أن الأولوية الآن هي الاستمرار في مكافحة الإرهاب في سورية والعمل على عودة المهجّرين إلى بلدهم، في وقت أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضرورة تعزيز التعاون وتنسيق الجهود في محاربة الإرهاب، مشيراً إلى أن منطقة الشرق الأوسط لا تزال تشكل أرضية خصبة لأعمال التنظيمات الإرهابية.
وقال لافروف، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الكويتي صباح خالد الحمد الصباح في الكويت، “إن موسكو لن تكف عن مطالبة واشنطن بإخلاء سبيل المهجرين السوريين في مخيم الركبان، الذين تحتجزهم القوات الأمريكية قسراً في تلك المنطقة الخاضعة لسيطرتها، وتمنعهم من العودة الآمنة إلى ديارهم بهدف تبرير وجودها غير الشرعي هناك”.
وأوضح لافروف أن الأمم المتحدة أجرت استطلاعاً للرأي في مخيم الركبان، بالتعاون مع الهلال الأحمر العربي السوري، وتبيّن أن 95 بالمئة من قاطنيه يريدون العودة إلى منازلهم، لكن القوات الأمريكية تمنعهم من المغادرة، لافتاً إلى أن الدولة السورية دعت مجدّداً المهجرين في المخيم للخروج والعودة إلى مدنهم وقراهم، مؤكدة أنها ستقدّم كل التسهيلات لنقلهم إلى أماكن سكنهم وتقديم كل التسهيلات اللازمة لهم.
وبهدف إخلاء المهجرين المحتجزين في مخيم الركبان بمنطقة التنف من قبل قوات الاحتلال الأمريكي ومرتزقتها الإرهابيين تمّ في التاسع عشر من الشهر الماضي فتح ممرين إنسانيين في بلدتي جليب وجبل الغراب على أطراف المنطقة، بالتعاون والتنسيق بين الهيئتين التنسيقيتين المشتركتين السورية والروسية، لعودة المهجرين إلى سورية، فيما جدّدت سورية مطلع الشهر الجاري دعوة المهجرين في مخيم الركبان للخروج منه والعودة إلى مدنهم وقراهم، مؤكدة أن المسؤول الوحيد عن الكارثة الإنسانية التي يعيشها أهلنا في المخيم هو الاحتلال الأمريكي وأدواته الإرهابية التي منعت قاطني المخيم بالقوة والتهديد من مغادرة المخيم على الرغم من الممرات الآمنة التي تمّ فتحها لكل راغب بالمغادرة.
لافروف: إعادة سيادة الدولة السورية على جميع أراضيها
وفي مؤتمر صحفي مع نظيره الإماراتي عبدالله بن زايد آل نهيان في أبو ظبي أكد لافروف على ضرورة القضاء نهائياً على الإرهاب في سورية، وإعادة سيادة الدولة السورية على جميع أراضيها، وقال: “إن استعادة وتعزيز الأمن مستحيل دون تسوية النزاعات والأزمات في المنطقة بطرق سياسية ودبلوماسية على أساس القانون الدولي”، مبيناً أن الشرعية الدولية لا تقبل بوجود قوات أجنبية في أي بلد دون موافقة الدولة ذات العلاقة.
وأشار لافروف إلى أن عملية أستانا تهدف لحل الأزمة في سورية، وهي العملية التي أدت إلى خلق ظروف لبداية عملية سياسية واضحة وفق قرار مجلس الأمن 2254 وضمن ما يحدده السوريون بأنفسهم.
إلى ذلك أكد عضو مجلس تطوير المجتمع المدني وحقوق الإنسان والعلاقات القومية التابع للرئاسة الروسية الكسندر برود أن ممثلي الرأي العام والخبراء السياسيين في روسيا يشعرون بقلق شديد من ممارسات الولايات المتحدة في سورية وفرضها تقييدات على تنقل المواطنين السوريين داخل وطنهم، وأشار إلى أن ما نشرته وزارة الدفاع الروسية من صور ملتقطة بواسطة الأقمار الصناعية لمقابر جديدة تحتوي على رفات مئات المواطنين السوريين عند تخوم مخيم الركبان يؤكّد انتهاك الأمريكيين لحقوق الإنسان في سورية، داعياً منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان الدولية إلى إجراء تحقيق موضوعي حول ظروف الحياة في مخيم الركبان وتقديمه إلى الأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا وغيرهما من المنظمات المعنية.
وبيّن برود أن المسرحيات التي أخرجت عن مزاعم استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل الحكومة السورية أتت لتبرير جرائم الإرهابيين واعتداءاتهم الوحشية على المواطنين السوريين برعاية أمريكية، مشيراً الى وجوب التصدي لسياسة التزييف والتضليل الإعلامي ضد روسيا وسورية بكل قوة.
بدوره أكد رئيس الجمعية الدينية لمسلمي روسيا الشيخ ألبير كرغانوف أن تاريخ التدخلات الأمريكية يدل على أن واشنطن ما دخلت أرضاً إلا وجلبت لها الموت والدمار، ولمواطنيها الدموع والكوارث الإنسانية، مشيراً إلى أن هذا ما نشاهده اليوم في مخيم الركبان، حيث يرفض الجنود الأمريكيون المحتلون لمنطقة التنف خروج المواطنين السوريين والعودة إلى ديارهم هرباً من الجوع والمرض المستشريين في هذه المنطقة، ولفت إلى ضرورة اطلاع المجتمع الدولي على الجرائم التي يرتكبها المحتلون وأدواتهم الإرهابية تحت ستار اللافتات الإنسانية مثل منظمة ما يسمى “الخوذ البيضاء”، التي تفتعل المسرحيات حول استخدام السلاح الكيميائي بهدف خلق الذرائع للعدوان على سورية.
من ناحيته حذر نائب رئيس الجمعية العامة لشعوب روسيا رئيس مركز التنوير الروحي في جامعة القديس تيخون الأسقف ليف سيمينوف من حصول كارثة إنسانية بسبب احتجاز الأمريكيين آلاف السوريين في مخيم الركبان في ظروف غير انسانية، وأوضح أنه من الطبيعي عدم الاستكانة لمثل هذه الجرائم بحق المهجّرين، الذين يتعرّضون لرصاص الإرهابيين المدعومين من حماتهم الأمريكيين.
يأتي ذلك فيما أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضرورة تعزيز التعاون وتنسيق الجهود في محاربة الإرهاب، مشيراً إلى أن منطقة الشرق الأوسط لا تزال تشكّل أرضية خصبة لأعمال التنظيمات الإرهابية، وقال، في كلمة أمام الهيئة القيادية لجهاز الأمن الروسي، “الأوضاع في الشرق الأوسط وبعض المناطق الأخرى لا تزال معقدة الأمر الذي ينعكس علينا”، مضيفاً: “لا تزال هناك بؤر عنف وعدم استقرار ما يشكل أرضية لأعمال التنظيمات الإرهابية ولا سيما في الأراضي الروسية”.
ودعا بوتين إلى تعزيز التعاون وتنسيق الجهود مع “الشركاء الأجانب”، وخاصة في منظمة الأمن الجماعي ومنظمة شنغهاي للتعاون إضافة إلى الدول الأخرى، مؤكداً أن روسيا ستكون دائماً منفتحة على العمل لمحاربة الإرهاب الدولي.