محقة… ولكن؟!
تؤكد المؤشرات والمعطيات الميدانية أن العملية التنموية في ريف حلب الشرقي والتي انطلقت تباعاً قبل نحو عامين تسير بخطى بطيئة ومتثاقلة، وتواجه العديد من المشكلات والمعوقات الفنية والتقنية، وهو ما كشفته الجولات الميدانية قبل أيام قليلة لعدد من المسؤولين في المحافظة لعدد من المناطق والقرى التي تعاني من ظروف صعبة وقاسية عكستها بصورة واضحة وجلية مطالب الأهالي والأسر الملحة، والتي ركزت بمجملها على تحسين الواقع الخدمي والمعيشي، وضرورة رفع وتائر إنجاز المشاريع وتأمين مستلزمات وأدوات الإنتاج الزراعي.
وبالنظر إلى المطالب المحقة، والتي أقر بها المسؤولون كأولوية وحاجة ملحة لتحقيق التوازن والعدالة في الجانبين الاجتماعي والاقتصادي، تفرض الضرورة توسيع دائرة الاهتمام بالريف واقتران القول بالعمل من خلال وضع الرؤى المستقبلية والخطط والبرامج والمشاريع الاستراتيجية والإنمائية والحيوية القابلة للتنفيذ، وضمن مدد زمنية محددة ومعايير واضحة، تفضي إلى نتائج ملموسة نحو إزالة كافة الفوارق وبما يحقق ويقارب – في المحصلة النهائية – الرؤية النهضوية والتطويرية في المدن.
ولعل الوصول إلى هذه الغاية يحتاج إلى كثير من الجهد، كما يحتاج إلى شراكة حقيقية ترتكز في المقام الأول على مفهوم العلاقة المتكاملة والمنفعة المتبادلة بين المدينة والريف، وتستند إلى دراسات علمية ممنهجة في آليتي البحث والعمل، وبما يحقق التطابق الكلي بين الدراسات النظرية والميدانية والتطبيقية والاستنتاجية – وهنا مربط الفرس ولب المشكلة – ليس على مستوى الريف وحسب وإنما على مختلف مستويات العمل الخططي والتنفيذي والتي أكثر ما تحتاجه إلى منطقية وواقعية في التشخيص وجرأة في اتخاذ القرارات المناسبة.
وقد يكون من المفيد في هذا الجانب الاستفادة ما أمكن من تجارب الآخرين، وإسقاط إيجابيات هذه التجارب على واقعنا الريفي، على أن يسبق ذلك تحديد واضح لنقاط القوة والضعف في المناطق المستهدفة، كقاعدة للانطلاق لوضع الخطط الاستراتيجية التنموية، بعيداً عن العمل الارتجالي وسياسة الترقيع التي أثبتت التجارب السابقة أنها فاشلة ومؤذية وضارة، ومضيعة للوقت وهدر للإمكانات والطاقات والمال.
خلاصة القول: ما نأمله أن تحقق هذه الجولات الغاية منها، وأن تتسم هذه المرة بالجدية والرغبة الحقيقية في تنفيذ الوعود، وبما يلبي احتياجات ومستلزمات التنمية الحقيقية ومطالب الأهالي المحقة.
معن الغادري