واشــــنطن .. إعـــادة تـــأهيـــل داعـــش
تنطوي المراوحة الأمريكية بين الإعلان عن القضاء على “داعش” تارة، والقول تارة أخرى إنه لا يزال موجوداً، على مجموعة من الأمور، منها محاولة نسبة نصر عسكري إلى قواتها لم تحقّقه فعلياً لأن النصر هنا تابع للقوات الموجودة على الأرض في سورية والعراق، ومنها أيضاً التغطية على عناصره الباقين الذين تنقلهم القوات الأمريكية من مكان إلى آخر لإعادة تنظيمهم واستخدامهم في عمليات مقبلة، حيث لوحظ مؤخراً تزايد عدد الهجمات التي يشنّها التنظيم الإرهابي في العراق، وذلك في الوقت الذي تمّ فيه تسليم الحكومة العراقية نحو أربعمئة إرهابي من عناصره المحتجزين في سورية للإيحاء بأن هؤلاء هم أواخر هذا التنظيم، ولا حاجة للبحث مرة أخرى في الأمر. وبعد تسريب الأخبار عن أن القوات الأمريكية قايضت حماية عناصر “داعش” المحاصرين في الباغوز السورية، بتسليم 50 طناً من الذهب العراقي، كان التنظيم قد سرقها من البنوك العراقية في الموصل والأنبار، يبدو جلياً أن قيادات التنظيم الذين أنجزوا هذه الصفقة مع الأمريكيين لا يمكن أن يتمّ تسليمهم إلى أي جهة أو الإبقاء عليهم مصدراً لأي معلومة، لذلك تعمل واشنطن على نقلهم إلى منطقة أخرى من العالم، بينما يتمّ الإبقاء على الجزء الذي لا يحمل أسراراً عميقة حول القواعد الأمريكية المنتشرة هناك أو داخلها، لإعادة تأهيله واستخدامه من جديد، وخاصة أن الفكر الذي تحمله نساء “داعش” يمكن أن ينتج جيلاً جديداً من الإرهابيين، وهو ما يجعل عدم السيطرة عليه أمراً في غاية الخطورة، لأن الأمر هنا يحتاج إلى تغيير معتقدات تم ترسيخها على المدى الطويل في أذهان أطفال “داعش”، وهذا ليس بالأمر الهيّن.
أغلب المحللين العسكريين العراقيين يؤكدون أن الهجمات الأخيرة التي قام بها عناصر “داعش” على الجيش العراقي وعناصر الحشد الشعبي، لم تكن لتتم لولا وجود دعم لوجيستي من جهة أخرى على الأرض، فهل ظهر سبب الإصرار الأمريكي على إنشاء قواعد عسكرية في العراق؟ وهل تصبح هذه القواعد “غوانتانامو” آخر تتم فيه إعادة تأهيل عناصر “داعش” لاستخدامهم مجدّداً؟.
طلال الزعبي