أخبارزواياصحيفة البعث

إدلــــب … إدلــــب؟؟..

د. مهدي دخل الله

إذا وضعنا النقاط الصحيحة على حروفها، فإن أردوغان حصل عملياً (de facto) على ما لم يستطع الحصول عليه اتفاقاً (de jure)، وهو … هدنة دائمة في إدلب.

هل نضجت إدلب وحان قطافها؟؟..

ثم كيف يراوغ الثعلب العثماني لعله يطيل أمد اختطاف إدلب؟؟..

لنعد إلى قمة «الدول الضامنة»، روسيا وإيران وتركيا، في طهران 07/09/2018. جاء أردوغان إلى القمة وفي جعبته خطة لإبقاء الوضع في إدلب على حاله أطول مدة ممكنة. تحدّث مطولاً عن ضرورة «الاستقرار» في إدلب مستفيداً من ما يتركه لفظ الاستقرار من أثر إيجابي في النفوس..

والاستقرار هنا حق يراد به باطل، أي تمديد حالة اغتصاب المحافظة السورية المنكوبة. فالاحتلال وضع استثنائي مناقض لطبيعة الأشياء، واستقرار ما هو غير طبيعي، يعني إلغاء ما هو طبيعي.

راوغ أردوغان كثيراً في محاولة للحصول على «الاستقرار»، لكن الرئيس بوتين كان له بالمرصاد على الطاولة الثلاثية، وظهر الغضب على الرئيس الروسي عندما سمع مقترح أردوغان وأجاب بلهجة حاسمة:

لا.. هذا غير ممكن … لا بد من إيجاد حل في إدلب، هدفه في النهاية عودة الأمور إلى طبيعتها… هذا يعني أن الهدف عودة إدلب إلى السيادة السورية الناجزة..

ومن ناحية تقنية فإن «استقرار» إدلب على الطريقة التركية لا يعني فقط تمديد فترة اختطاف الأرض السورية، وإنما يعني الصراع المستمر بما في ذلك محاولات الإرهابيين إرسال طائرات مسيّرة تحمل صواريخ، وتضرب الأهداف الروسية في اللاذقية. وهذه الطائرات المسيّرة بالتأكيد ليست من إنتاج أبي القعقاع الشيشاني، ولا أبي بكر التونسي أو أبي قتادة السعودي. هي من إنتاج أمريكا وتركيا وغيرهما من دول العدوان الموصوف على سورية..

وافق أردوغان على مضض على خطة سوتشي التي طرحها بوتين حول إدلب، وظهر عدم ارتياحه واضحاً في المؤتمر الصحفي بعد القمة. وعلى ما يبدو أنه كان يقول لنفسه : إذا لم يتم الاتفاق على تمديد الحالة الراهنة في إدلب، فسيعمل هو على تمديدها عملياً وليكن ما يكن..

هذا هو الوضع الآن.. وإذا وضعنا النقاط على الحروف فإن أردوغان حصل عملياً على ما لم يستطع الحصول عليه اتفاقاً، وهو «هدنة دائمة» في إدلب…

لم تحترم تركيا تعهداتها التي تحدد توقيت الخطوات المراحلية للوصول أخيراً إلى عودة الأمور إلى طبيعتها في إدلب، أي بسط السيادة السورية عليها، ويبدو أن روسيا لم تعد قادرة على إخفاء انزعاجها من هذه المراوغة والمماطلة العثمانية. ففي الآونة الأخيرة ازدادت تصريحات المسؤولين الروس في هذا الاتجاه..

إن حل «معضلة إدلب» بالتي هي أحسن وبما يسهم في حماية حياة جنودنا البواسل والمدنيين الأبرياء ومن تدمير جديد نحن في غنى عنه، لا يعني بالضرورة الرضوخ إلى ما لا نهاية إلى ثعلبية أردوغان ومراوغته.

لا بد الآن من تكثيف الضغط على أردوغان، ومن أهم وسائل هذا الضغط إظهار الاستعداد الكامل للتحرير بالطرق المتاحة جميعها.

mahdidakhlala@gmail.com