تحولات تقتضيها تحديات..!؟
من المؤكد أن سماع وجهة نظر المستثمرين له أهمية كبيرة من قبل الجهات الرسمية المعنية بالشأن التنموي بشقيه الاقتصادي والاجتماعي، وذلك لأجل الوقوف على التحديات ومعالجتها، ولعل الإنصات لهم ليس ترفاً فكرياً، بل ضرورة، كونهم إما مالكين ومشغلين لمنشآت اقتصادية، أو راغبين بإنشاء مشاريع استثمارية.
وبما أننا نمر في مرحلة اقتصادية، يمكن أن نوصِّفها -على أقل تقدير- بالمربكة والقلقة، غير واضحة العناوين والهوية، وبالتالي غير محددة وواضحة الأهداف، نتيجة لعوامل عدة قد تكون الأزمة أحد الأسباب الرئيسة فيها، إلاَّ أنها بالطبع ليست كل الأسباب، ومن غير المقبول مطلقاً أن تطغى على غيرها، بمعنى لا يجب أبداً أن تكون الأزمة الشماعة التي نعلق عليها الأسباب غير الموضوعية، لنحولها بقدرة قادر إلى موضوعية، وهذا الرأي موجه للقطاعين العام والخاص معاً.
لا شك أن الأزمة أفرزت المختلف غير المألوف سابقاً، من السلبيات والتشوهات البنيوية التحتية والفوقية، لكن من الاستحالة –في الوقت ذاته- الركون لهذا الوضع والتسليم بما هو قائم، وإلاَّ كنا كما النعام نطمر رؤوسنا بالتراب، وعليه لا بد من برامج تحوط وتحول، وخطط تحفيزية مغايرة للتقليدي (غير القادرين على الخروج من شرنقته حتى تاريخه)، نستوعب من خلالها أي أثر سلبي يواجه الاقتصاد على الصعيدين الكلي والجزئي.
ولأجل ألا نظل ندور في نفس الحلقة المفرغة من أية مبادرة اقتصادية مبدعة، فمن الأنسب حالياً ومرحلياً (إن لم نكن قادرين على الاستراتيجي)، العمل على تحصن الوضع القائم، ومحاولة التغيير بالتطوير لما هو أفضل وأحسن ولو بقليل.
في ضوء ما سلف، إن لم نعترف بأن هناك تحولات كبرى عديدة تواجهنا، تفرض تغيير التشريعات وتحسين البيئة التنافسية وتجديد دماء الاقتصاد، فسنظل أسرى عملية الإصلاح المعطلة، والوقت يمر دون أن نستطيع الوصول إلى الإصلاح المُخلِّص وهيكلته، بما يتماشي مع تطورات الأزمة وتحدياتها ومفرزات العصر الحديث وتحدياته، وذلك بهدف استدامة التنمية التي هي هدف لأية خطة أو رؤية اقتصادية.
وعلى التوازي من المهم ألا يبقى القطاع الخاص رهين مرحلة ما قبل الأزمة التي كانت تناسبه، والتي كانت تتولى فيها الحكومة عدة أدوار تشريعية وتنفيذية وبتمويل ذاتي في أغلب إنفاقها الاستثماري؛ ولذلك فإن القطاع الخاص بات اليوم هو أيضاً أمام تحدي التحول لمستوى أعلى من الكفاءة والتنافسية، وعليه أن يواجه الواقع الجديد والمستقبلي، بعيداً عن الطريقة الواحدة والهدف الواحد وهو الربح والربح فقط.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com