منتدى تاريخي بامتياز
جمان بركات
لعل كثيرين يعانون من شدة تعلقهم بهاتفهم النقال لما يحمله من بنك معلومات وصور ومقاطع فيديو كافية لتعبئة أوقات الفراغ إن لم يكن الوقت كله، والأهم في هذا الجهاز هي مهمته الأساسية في التواصل مع الآخرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة من “واتس أب والفيس بوك والتلغرام والانستغرام”.
ومؤخرا دعا اتحاد الصحفيين لحضور منتداه الإعلامي بعنوان: “وسائل التواصل الاجتماعي منصات الكترونية، عناصرها، أدواتها، التعامل معها” بمشاركة الباحثين: رفيق نصر الله، تحسين الحلبي، الإعلامي حسين مرتضى، والملفت في الموضوع هو دعوة فئة الشباب للمشاركة والحوار في هذا المنتدى وتبادل الآراء، وهي خطوة مهمة فهم بالتأكيد لديهم رؤية خاصة تتعارض مع كثيرين وأحياناً توافقهم، ولكن الحظ لم يكن حليفهم إلا من حيث سهولة الهروب واحداً تلو الآخر غير منتظرين الوقت المخصص لهم لتبادل الآراء وإغناء الحوار، إذ وجدوا أنفسهم يستمعون لخطاب تاريخي بامتياز من قبل الضيوف الذين أعادوا الأحداث التاريخية من حروب ووقائع في المنطقة العربية، والعدو الإسرائيلي وهل نجح بتحقيق أهدافه، وغيرها من الأحداث والتساؤلات التي أُشبعنا منها، والسؤال يبقى ألم يخطر ببال المنتدين أن التاريخ الذي تحدثوا عنه يمكن لأي شخص من جيل الشباب قراءته من “غوغل” وهو في بيته أو في وسائل النقل؟.
في الحقيقة، الجميع يدركون أننا في عصر التكنولوجيا والعالم الرقمي –ولا أحد يستطيع نكران ذلك- أما بخصوص هذا المنتدى فتحضر مجموعة من التساؤلات منها: لماذا لم يبدأ الحوار بطرح أفكار تستهدف عقول هؤلاء الشباب لتكون إحدى خياراته الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي وقضاء أغلب أوقاته عليه، وفي الأصل كانت هذه الندوة وندوات أخرى غيرها ستكون أكثر فاعلية إذا خصصت للشباب ليكونوا أبطالها هم أنفسهم سواء ضيوفا أو محاضرين، أو مثلاً جعلهم مسيطرين على الشاشة الصغيرة بلقاءات مميزة تحكي عن طموحاتهم ومشاريعهم المستقبلية، ومدى تأثرهم بالانترنت وكيفية استغلاله واستثماره في تعلم لغات جديدة أو تقويتها، أو مثلاً تعلم حل مشكلة واجهتهم في الحاسب أو تعلم العزف على الآلات الموسيقية أو فن التطريز أو حتى متابعة أفلام وبرامج ومسلسلات وغيرها… إذا بحثنا في مجتمعنا نرى فئة من جيل الشباب استطاعت بقدراتها الخارقة تخطي مسألة تواجدها في مكان ثقافي لسماع ندوة عنوانها مغاير لمضمونها، فإلى متى ستبقى هذه الندوات تغرد خارج سرب الاهتمامات الشبابية دون أن تتمكن من إقناعهم بفكرة أن وسائل التواصل الاجتماعي بكل أدواتها غير مفيدة وبلا جدوى.