ما زال التمييز مستمراً..!
تصرّ وزارة الكهرباء على توسيع دائرة التمييز بين المدينة والريف، ليشهد الأخير ساعات تقنين قاسية من العيار الثقيل أكثر من ذي قبل، إذ لم يعُد يُعقل ولا يقبل أن تخصص الوزارة ساعة واحدة فقط لوصول التيار في الريف نهاراً وساعتين ليلاً تتخللهما انقطاعات متكررة بحجج وذرائع تتعلق بالحمولة الزائدة، بينما تنعم المدينة بساعات تغذية كهربائية تمدّد طوال ساعات الليل…!
تمييز يأتي ضمن سياق محاباة واضحة للمدينة على حساب الريف، بات يلقي بظلاله على توسيع هوة الانقسام الطبقي في المجتمع السوري، في حالة تستفزّ أبناء الريف عند لقائهم أبناء جلدتهم من سكان المدينة ممن ينعمون بنور الكهرباء ودفئها، وكأنهم يعيشون في دولة أخرى..!
فهل ثمة توجّه حكومي لهذا التمييز..؟ أم أن وزارة الكهرباء منحازة للمدن وقاطنيها من علية القوم..؟ أم أنها عاجزة عن تحقيق عدالة التقنين ومساواة المدينة بالريف لاعتبارات لا نعلمها..؟!
إن سكان الجمهورية العربية السورية سواسية، ومن حقهم على جميع الجهات الحكومية المعنية تقديم الخدمات بشكل عادل ودون تمييز، وما يحصل في مسألة تأمين الكهرباء وحوامل الطاقة الأخرى من مازوت وغاز يثير الكثير من الشكوك، التي تنحدر إلى مستوى الشبهات وما يرافقها من ارتكابات..!
وفي الوقت الذي يسجّل فيه للحكومة تأمين المواد والخدمات الأساسية للمواطن في أحلك ظروف الأزمة، يؤخذ عليها انسياب هذه المواد والخدمات، إما بسبب ما ترتكبه الجهات المعنية بإيصالها من تجاوزات نتيجة تواطؤ بعضها مع بعض فعاليات القطاع الخاص، أو لعدم امتلاك هذه الجهات رؤية عملية لجهة انسياب هذه الخدمات ضمن مساراتها الصحيحة..!
لم يعُد بمقدور المواطن تحمل الضغوط الناجمة عن افتقار بعض الجهات الحكومية لآليات التعاطي مع الوضع المعيشي والخدمي، ففي الوقت الذي يؤنس فيه نور الكهرباء وحشته، تقطع عنه وزارة الكهرباء حصّته من الحد الأدنى لهذا النور، وكأنها تراهن على قوة تحمّله؛ علّها بذلك تدخله في موسوعة غينيس للأرقام القياسية..!
ختاماً… على وزارة الكهرباء أن تعي تماماً تداعيات التقنين القاسي على الريف، ولاسيما لجهة الضغط النفسي على العائلة كمكوّن أساسي في المجتمع، وأبنائها من الطلبة لجهة تحصيلهم العلمي ودور التيار الكهربائي بهذا الخصوص، وألا تعُدّ هذا الأمر بسيطاً..!
حسن النابلسي
Hasanla@yahoo.com