كلية الآداب تحتفل بيوم اللغة العربية
أقامت كلية الآداب بدمشق- قسم اللغة العربية بإشراف رئيسة القسم د.منيرة فاعور احتفالاً بأم اللغات وابنة التاريخ وحافظة الهوية والانتماء، باللغة العربية التي وحدت شعوب الوطن العربي، وكرّمها الله بأنها لغة القرآن الكريم.
وقد ابتعدت الفعالية عن التقليدية والتكرار واعتمدت على استنباط خصائص اللغة العربية في الإعجاز والوصف والإيجاز وقوة التعبير والوجد، وإبراز سماتها بالمدح والذم، إضافة إلى المقارنة المختلفة بين العامية والفصيحة وغناء المطوّلات من القصائد.
كما تم إشراك طلاب اللغة العربية بالفعالية، حيث برز تمكنهم من حفظ الشعر العربي وجمالية الإلقاء.
أجمل اللغات
وتحدثت د. فاتنة الشعال عميد كلية الآداب عن أهمية هذه الاحتفالية وعن مكانة اللغة العربية بشهادة علماء اللغة الذين بيّنوا بأنها أعمق وأجمل اللغات، فهي اللسان المعبّر عن وجدان أمتنا وتاريخها وفكرها في الماضي والحاضر والمستقبل.
قدرة البيان على التغيير
سمات اللغة العربية وخصائصها بالإقناع كانت المحور الأساسي في كلمة د. منيرة فاعور التي بُنيت على استنباط الأفكار وبيان مدلولاتها وأبعادها من عيون الشعر العربي، بعنوان”صور من الحياة بين التجميل والتقبيح” فتحدثت عن الشعراء والأدباء الذين يتصرفون بالمعاني وفق أهوائهم، فإذا أرادوا مدح شيء ذهبوا إلى أجمل أوصافه فجملوها وحسنوها، وإذا أرادوا ذم شيء قصدوا أقبح أوصافه، فجسدوها بمفرداتهم، وتوقفت عند فكرة أن القائل قد يغيّر رأيه وبيانه بعد حين من الزمن، وما راقه سابقاً لا يروقه لاحقاً. وبدأت بما قاله الشعراء عن تحسين المشيب وتجميله:
كما قال أبو السّمط:
إن المشيب رداء العقل والأدب كما الشباب رداء اللهو والطرب
وتحسين العمى كما قال البهاء زهير:
قالوا تعشقها عميا فقلت لهم ما شاقها ذاك في عيني ولا قدها
ومن تقبيح الأصدقاء ما قاله إبراهيم بن العباس:
“مثل الإخوان كالنار قليلها متاع، وكثيرها بوار”
ومن أجمل ما قالت عن تحسين ال”لا” مما قاله الثعالبي من فضل كلمة لا أنها افتتاح التوحيد” لا إله إلا الله”، وقال الكيندي” قول لا يرفع البلاء، وقول نعم يزيل النعم.
وتحسين الغربة قول الشاعر:
أرى وطني كعش لي ولكن أسافر عنه في طلب المعاش
كما أوردت د. فاعور مقارنات على سبيل الأضداد مثل المقارنة بين السوداء والشقراء، كما قال ابن حزم:
يعيبونها عندي بشقرة لونها فقلت لهم: هذا الذي زانها عندي
مقارنة بالوصف
ومن المدح والذم إلى جمالية الوصف الحسي القريب من التصوير في المشهد التمثيلي الكوميدي الذي أظهر إحدى سمات اللغة العربية المتمثلة بالوصف، من خلال خلاف شابين احتكما إلى جدتهما بعد أن أحب كل منهما الفتاة التي يحبها الآخر ممثلة بليلى رمز الحبيبة في الشعر العربي، وبحكمة الجدة طلبت أن يصفها كل واحد منهما بطريقة فكانت مقارنة ومفارقة بين المفردات الشعبية المألوفة والمغرقة أحياناً بالعامية، وبين جمالية الوصف بالشعر العربي، فطلبت وصف عيني ليلى، فقال الأول بالعامية”عيونها ورد مفتح”، ليقول الثاني: عيناها أنهار خمر تشفي مدمنها، أما الجفون فشلال من الحسن، ليتابعا وصف ابتسامتها وصوتها، إلى أن تطلب الجدة وصف أخلاقها، فيقول بالعامية”طنجرة ولقيت غطاها”، بينما الثاني يقول:”أخلاقها مسك من أرض مقدسة” لينتهي المشهد بطرفة بتوجيه سؤال إلى الجمهور من وصفه الأجمل؟
الإرادة والخطة
وتضمنت الفعالية قصة نجاح الشاب الضرير “مصطفى درويش”الذي عشق إعجاز اللغة العربية وفصاحتها غير آبه بعاهة العمى ومضى في طريق نجاحه، فتحدث عن تجربته بلغة بليغة تنم عن تعمقه بعلوم اللغة، مبتدئاً بقوله”لا أتحدث عن قصة نجاح وإنما قصة عمل وعلم بعد أن منّ الله عليّ بالاقتداء بالعلم من الشرع والعلوم الأخرى، فطالب العلم يرفعه الله إلى أنوار الفكر وهكذا تنهض الأمم. واختصر قصة نجاحه بإهدائه الطلبة خطوات نجاحه المتمثلة بالالتزام” التزموا أنفسكم، اعرفوا قيمتها، وحافظوا عليها، وبالخطة الجيدة” ضعوا هدفاً واضحاً مؤقتاً بزمن بخطة محددة واعملوا على تحقيقها”
الاستفادة من الوقت” اشغلوا أوقاتكم بكل ما هو نافع واقبلوا على كل علم بعزيمة وصبر، والتمسك بالأمل، والتوكل على الله”.
وانتهت الفعالية بغناء وتلحين قصائد من المطولات في عيون الشعر العربي بغناء مصطفى ملوك قصيدة لعمر بن أبي ربيعة .
ليت هنداً أنجزتنا ما تعد وشفت أنفسنا مما تجد
كما غنى قاسم طحان قصيدة وجد للشاعر لسان الدين بن الخطيب:
كأن الصبح والليل وقد ملأ الأرجاء مما جيشا.
ملده شويكاني