فساد مكافحة الفساد..؟!
إذا كان الكل يتحدث عن الفساد، ويريد ويرغب بمكافحة الفساد ومحاربته واجتثاثه من جذوره، وهذا ما تؤكده وتشهد عليه مناقشات وتوصيات المؤتمرات الحزبية والنقابية والاجتماعات الرسمية وغير الرسمية والتصريحات الصحفية في المنابر الإعلامية وأمنيات الناس، حتى الدراما لم تكن بعيدة عن تناول موضوعات الفساد بأعمال متنوعة ومختلفة… إذاً أين المشكلة؟!
وحقيقةً هناك العديد من الملفات بين يدي الهيئات الرقابية والتفتيشية والقضائية، لكن القليل منها وصل إلى الخواتيم المنتظرة رغم مرور وقت طويل على وضع اليد عليها؛ الأمر الذي يطرح إشارات الاستفهام والاستغراب عن الجدوى والغاية والموانع التي تقف خلفها، وقبل ذلك جدية هذه الإحالات ونواياها…!!
رغم أن الكثير من الملفات تزكم رائحتها الأنوف، وأصحابها يسرحون ويمرحون “لا هم ولا غم”؛ ما يدل أن الفساد ليس حالة عابرة أو طارئة، بل بات منظومة متكاملة تستولده وتديره وتحميه حتى غدا غولاً شرساً قوياً قادراً على لي عنق ليس من يريد الولوج إلى الداخل بقصد معالجته والحد منه وتقويضه، بل حتى مجرد الاقتراب أو التفكير، وبالتالي فإن إعمال لغة القانون وحدها لم يعد كافيا مع الأسف، ولا بد من تكاتف الجميع والوقوف معاً لوقف هيجان هذا الوحش..؟!
وما عولج من ملفات يبقى سطحياً وبطيئاً ومتواضعاً وبعيداً عن الرؤوس الكبيرة.
والقول إن الوقت غير مؤاتٍ اليوم لأن حربنا على الإرهاب لمَّا تنتهِ بعد، هو بحد ذاته هروب نحو الأمام وتستر وقبول بالواقع، وهو أمر مرفوض بطبيعة الحال…
والإعفاءات والإقالات التي تطال البعض بين وقت وآخر تبقى غير مقنعة، ولا تفي بالغرض؛ لأننا نحتاج لحملة منظمة تميط اللثام وتفتح كل الملفات والقضايا الكبيرة والصغيرة على حد سواء، وتعمل على فكفكة هذه المنظومة وتشتغل على تغيير ثقافة المفهوم والمصطلح والأداء، وبغير ذلك لن يكون هناك إصلاح حقيقي، ولن تستقيم معها جهود مكافحة الفساد، وسننظر إليه على أنه الفساد في مكافحة الفساد فإلى متى…؟!
وائل علي