صحيفة البعثمحليات

“الشؤون الاجتماعية” تلوم “العدل” لتهاونها في إخلاءات السبيل فجوة الاختلاف بين شركاء “مكافحة التسول” تتسع والبحث جارٍ عن تفاسير القانون

دمشق – حياة عيسى

أخفقت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بالقضاء على ظاهرة “التسول” وتجاوزاتها لتزداد وتنتشر في السنوات الثماني المنصرمة التي اعتبرتها الوزارة من السنوات العجاف؛ نتيجة الحرب وانتشار البطالة والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تمثل الأذرع الخفية لظاهرة “التسول”، فكانت الآمال معقودة على ضرورة إعادة تفعيل دور المتسولين والمتشردين للحد من الظاهرة، ولكن الفجوة والاختلاف وعدم وضوح نصوص القانون أمام “الشؤون” تتطلب من وزارة العدل الشريك الأساسي لمكافحة الظاهرة بتفسير بعض نقاط القانون كونها الجهة الملامة من قبل “الشؤون”.

مدير الشؤون الاجتماعية والعمل في دمشق شوقي عون بين في تصريح لـ”البعث”  أنه تم التشارك الحكومي لتشكيل لجنة بتوجيه رئاسة الوزراء، وبرئاسة وزير الشؤون الاجتماعية والعمل وعضوية كل من وزارات (التعليم العالي، الصحة، الأوقاف، التربية، العدل، الداخلية، هيئة شؤون الأسرة) لوضع الملاحظات والصعوبات لتذليلها، والخروج برؤية متكاملة للقضاء على ظاهرة “التسول” خلال الربع الأخير من العام الماضي، حيث تمت المباشرة بتنفيذ كل ما هو موكل عليهم، وملاحقة حالات التسول وإلقاء القبض عليهم، وسوقهم لدار تشغيل المتسولين والمتشردين بالكسوة الذي تبلغ طاقته الاستيعابية /700 / شخص تقريباً.

وأضاف عون أنه بالرغم من سوق المتسول للدار إلا أنه لا يمكن إيقافه أكثر من /48/ ساعة بحكم القانون، ليتم إحالته للقضاء ليصار إلى تحويله للدار بحكم قضائي رسمي لقضاء فترة الحكم التي وقعت عليه، ليقوم القضاء المعول عليه من قبل وزارة “الشؤون” والذي يتوجب عليه أخذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقه بالموافقة على إخلاء سبيل المتسول، علماً أنه تم تحويل حوالي/ 500 / حالة في العام المنصرم للقضاء، ولم يتم أخذ الإجراءات القانونية اللازمة ليقضي فيها المتسول حكمه القضائي، ولم تتجاوز أقامته بالدار أكثر من/ 5/ أيام على الأكثر.

وهنا توضح قاضي محكمة الصلح الجزائي الأولى في دمشق لينا دقا لـ”البعث” أن جريمة التسول من نوع “الجنحة”، ويحق للمدعي عليه إخلاء سبيله بعد استجوابه ب /5/ أيام، علماً أن القرار الصادر بقبول طلب إخلاء السبيل أو رده يقبل الاستئناف من قبل المدعي عليه ومن النيابة العامة ولاسيما أن التوقيف تدبير احترازي وليس عقوبة أو حكماً نهائياً، علماً أن الحكم النهائي يصدر بعد سماع دفوع الأطراف كونه محل اعتبار في حساب العقوبات والتكرار والتوقيف لغاية الإصلاح، وتأمين الرعاية والتأهيل؛ ولأن القضاء مؤسسة عدل وإنصاف وتعنى بتطبيق القانون لا يمكن تجاوز الحدود التي نص عليها، وبحسبان أن المحاكم مقيدة بحكم القانون وبما يثبت من وقائع، وأنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني.

وبالنسبة للالتباس بالموارد القانونية ( 596 – 602 ) الخاصة بالتسول التي تشتكي  منها “الشؤون”، والتي تفرض حكم الحبس من شهر لستة أشهر في الدار، بين عون أنه لابد من قضاء حكمه في السجون المركزية ولاسيما أن إحدى المواد القانونية تقول “حبس”، ومادة أخرى تقول إنه ممكن للقاضي إحالته لدار المتسولين، وهي نقطة بحاجة لبحث وتوضيح أكثر من الجهة القانونية “العدل”.

لتبين الدقا أن قانون العقوبات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم /48/ قد أحاط بخطورة الظاهرة، وأوجد لها العقاب المناسب بشروط حددها القانون بدءاً من المادة /596/ حتى المادة /599/ المتضمنة إحداث دور لتشغيل المتسولين والمتشردين، ومكتب مكافحة التسول والتشرد، بالتزامن مع إصدار عدة بلاغات وتعاميم طلبت بموجبها التشدد في مكافحة الظاهرة وعدم التساهل بمثل تلك الجرائم لقطع دابرها بفرض العقوبات الرادعة، مبينةً أن من يرتكب جرم التسول يلحق به عقوبة الحبس من شهر لستة أشهر في  دار تشغيل المتسولين والمتشردين،  ويقضى بهذا التدبير وجوباً في حال التكرار، علماً أن توقيف المتسول في غير دار تشغيل المتسولين والمتشردين يخالف المشرع في القانون/16/ لعام 1975، كما لا يتيح تطبيق وسائله التي تستهدف مكافحة “التسول”.

والجدير ذكره أن  كلتا الجهتين”الشؤون والعدل” تجلت مطالبهما بضرورة رسم سياسات العمل والإجراءات المناسبة، وتوزيع العمل بين الوزارات، وتأمين فرص عمل، إضافة إلى التشديد بالعقوبة باعتبار ظاهرة “التسول” منتشرة وتحتاج إلى مدى أطول في التوقيف، مع مراعاة نصوص القانون، لاسيما أنه لا يجوز رفع العقوبات عن حدها الأدنى إلا في الحكم النهائي وبقرار معلل، مع ضرورة تعديل نص المادة /596/ من قانون العقوبات من قبل “المشرع”، ونشر الوعي بين الناس بعدم تزويد المتسولين بالمال لاسيما بوجود مشافٍ ومراكز صحية تقدم خدماتها بالمجان للمحتاجين، بالتزامن مع وجود جمعيات خيرية تقدم المساعدة لهم.