“صناعة” اجتماعات أم..!؟
هناك أمور اقتصادية غير مفهومة تحدث، وفوق هذا يسودها الإبهام، والدليل على ما سلف، والذي لا يحتاج لكثير من الحذاقة، تناقض آراء قطاعنا الصناعي الخاص، بين السر والعلن، مقابل خطاب حكومي شبه مستقر في توجهه (على الأقل شكلاً)، لناحية مقاربته لمطالب “الخاص”، وبالتالي مقاربته لـ”صناعته” واحتياجات تلك الصناعة..!
وإن كان الحكم على المواضيع بنتائجها (العبرة في النتائج)، فالسؤال الذي يقدم نفسه وبدون مقدمات هو: هل خلصت الاجتماعات العديدة بين الجانبين وعلى مدار سنوات عدة (أي بين مجلس الوزراء والقطاع الخاص)، إلى أي نتائج تذكر..؟ وإن سلمنا جدلاً بوجود نتائج، فأين هي الأرقام والمؤشرات الصناعية والإنتاجية لـ”لخاص” التي تعكس حقيقة ما يطرح ويعلن إعلامياً في تلك الاجتماعات..؟ والتي إن وجدت لما اقتضت اجتماعاً تلو آخر، ومن وقت لآخر..؟!
مناسبة هذا الحديث، الاجتماع الذي عقد بين الجانبين قبل يومين، وعنون بـ”جلسة مصارحة وطرح هموما بين الحكومة وغرفة صناعة دمشق وريفها”، وبالطبع بحضور رئيس اتحاد غرف الصناعة.
صناعيو دمشق وريفها طرحوا جملة من المشكلات التي تعترض عملهم على طاولة الحكومة، التي أبدت استعدادها لحل كل ما يعرقل سير عملية الإنتاج، في ضوء الممكن والمتاح، حسبما أكد لهم رئيس مجلس الوزراء، والذي أكد أيضاً أن الدلالة من المصارحة في طرح هذه المعوقات، هي إيمان الحكومة بالشراكة الحقيقية وبإدارة ملف التنمية بشكل عام، وملف الصناعة بشكل خاص.
طرح “خاص” للمعوقات ليس الأول من نوعه، ونعتقد لن يكون الأخير، في قبالة طمأنة حكومية مكررة وأيضاً ليست الأولى من نوعها..! أما المفارقة الغريبة فهي – كما في كل اجتماع – تلك الحالة الظاهرة من “الانسجام” بين الجانبين، هذا يطرح بأريحية، والآخر يستمع ويستجيب بأريحية..!
أمام هذا المشهد الجميل في الحوار وتبادل الطرح والرؤى والأفكار، يقف المتابع للشأن الاقتصادي عامة والصناعي خاصة على قارعة الانتظار، لما سيؤول إليه هذا المنولوج الصناعي، ومتى سيتلمس نتائجه المادية والمعنوية، ذات الصفة التنموية..!
ولو استرجعنا ما قاله مثلاً رئيس الاتحاد ورئيس غرفة صناعة دمشق وريفها، خلال الاجتماع، وما كتبه الأول على صفحة تواصله الاجتماعي، قبل بضعة أيام من الاجتماع، وما يقوله الصناعيون، لأدركنا معنى قول: “لكل مقام مقال”، وأن “القوم في السر ليس كما في العلن”..!
أما نحن فنسأل تلك الأسئلة التي وجهها أحد رجال الأعمال لوزير الصناعة وهي: ما الهوية الصناعية..؟ ولمن نريد الصناعة، للمواطن أم للتصدير..؟ وأية صناعة..؟ وأين الخارطة الصناعية..؟ وماذا نريد، حماية الصناعة أم صناعة الحماية (في إشارة للمحتكرين)؟ وأين هي العمالة الماهرة؟ وهل تم فكفكة وحل ملف القروض المتعثرة وتسوية أوضاع أصحابها؟ وأين هو قانون الاستثمار الجديد..؟!
هذه وغيرها من التساؤلات التي ما زالت دون إجابات، في الوقت الذي نسمع فيه خبراً تلو خبر عن افتتاح مصانع ومعامل للسوريين في الخارج، وليس آخرها افتتاح معمل للقطنيات لـ”حلبي” في يريفان بدولة أرمينيا الصديقة، وليس في حلب، بسبب كذا وكذا..!
في حضرة هكذا واقع، لا نعرف لماذا تبادر إلى ذكرتنا عبارة رئيس غرف التجارة السورية، وكان قالها تعقيباًً على اجتماع جرى في غرفة تجارة دمشق، مع بعض ممثلي الحكومة، قال: “أسمعونا كلماً طيباً، فأسمعناهم كلاماً طيباً..!”، وبإسقاط لهذه العبارة نقول: “صناعة اجتماعات.. أم اجتماعات صناعية..؟!”.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com