اقتصادصحيفة البعث

في ظل غياب الربط الشبكي وتواطؤ البعض ملكية عقار بقيمة 1.5 مليار ليرة مهددة بالضياع وشبهات التزوير تكتنف القضية

دمشق – محمد زكريا

تتوالى الروايات والحكايات من أورقة المصالح العقارية عن الطرق والأساليب المشبوهة التي يمتهنها بعض النافذين في المديرية العامة للمصالح العقارية في نقل وتزوير الملكية العقارية من خلال تواطؤ بعض الموظفين، مستغلين ضعف وافتقار المديرية إلى برامج الأتمتة، وعدم وجود  قاعدة بيانات مركزية لكافة الملكيات العقارية رغم وجود الصحيفة العقارية والسجل العقاري وغيرها من الأقسام التي تحمي ملكية هذه العقارات، وبحسب أحد المعنيين في المديرية فإن السبب الرئيسي في عدم قدرة المديرية على كشف عمليات نقل وتهريب العقارات وتملكها لغير أصحابها هو عدم وجود إجراءات واقعية تمنع مرتكبي أعمال التزوير من القيام بفعلهم، إلى جانب عدم وجود ربط شبكي بين فروع المديرية بالمحافظات مع المديرية المركزية، كاشفاً عن وجود عشرات الحالات التي تمت فيها نقل ملكية العقارات من أصحابها الفعليين إلى الغير بفعل أعمال التزوير والاحتيال على القانون، مارسها مختصون بتواطؤ مع بعض الموظفين، مبيناً أنه تم إحالة عشرات الملفات الخاصة بموضوع التنازع على العقارات إلى القضاء خلال السنوات الماضية، وأن أغلب العقارات المتنازع عليها والتي تمت إحالتها إلى القضاء تجاوز سعر العقار الواحد أكثر من مليار ليرة سورية؛ مما يدلل على أن الموضوع مخطط له ومحبوك كما يقال بطريقة يصعب كشفها.

خطوات احترازية

مدير التشريع العقاري بالمديرية العامة للمصالح العقارية عصام قولي بين أن المديرية العامة اتخذت جملة من الخطوات القانونية والتشريعية للتصدي لمستجدات الوضع الراهن، وما تعرضت له الملكيات العقارية من تعديات وعمليات تزوير من قبل بعض ضعاف النفوس، إلى جانب الحد من أعمال العبث أو التزوير في الوثائق العقارية، مبيناً أن أهم هذه الإجراءات يتمثل بإصدار المرسوم التشريعي رقم 11 للعام 2016 الذي يقضي بإيقاف أعمال التوثيق والتسجيل للواقعات بعد تاريخ إيقاف الدائرة العقارية منعاً من العبث والتحريف في السجلات والوثائق العقارية، وتم بموجبه افتتاح السجل اليومي المكمل لمتابعة توفير الخدمات العقارية للمواطنين ولحفظ حقوق الدولة، إلى جانب المرسوم التشريعي رقم 12 لعام 16 الذي قضى باعتبار النسخة الرقمية للصحائف العقارية أساساً في إحداث النسخة الورقية للصحائف العقارية لمعاودة أداء الخدمات العقارية، مشيراً إلى أنه جرى تطبيق أحكام هذا المرسوم في السجل المؤقت بمحافظة حمص، حيث تم إعادة العمل فيه لنحو 6 آلاف مقسم طابقي، إضافة إلى القانون 23 لعام 2017 المتعلق بإجراءات إعادة تكوين الوثيقة العقارية المتضررة جزئياً أو كلياً، حيث أتاح السير بإحدى وسيلتين؛ الأولى عن طريق لجنة إدارية يرأسها مدير المصالح العقارية، والثانية عن طريق  القاضي العقاري، وقد تم تطبيق هذا القانون على المناطق العقارية الثانية في حلب ومناطق أخرى كريف دمشق وحمص ودير الزور.

سلب عنوة

وضمن هذا السياق يؤكد مالك أحد العقارات التي تصل قيمتها المالية إلى أكثر من 1.5 مليار ليرة سورية، أنه تفاجأ بنقل ملكية عقاره إلى الغير دون معرفته وعلمه، مبيناً أن المديرية العامة للمصالح العقارية ثبتت الواقعة وأحالت القضية إلى القضاء المختص، وأن إجراءات السير بالدعوى وصلت إلى مرحلة كادت أن تنصفه وتعيد حقه المسلوب، إلا أن ما حدث كان مستغرباً، وأعطى للطرف الآخر فرصة الحصول على قرار غير اتجاه المجريات ووضع القضية في موقف لا يحسد عليه، ولديه الأدلة المادية الصادرة عن المصالح العقارية ما يثبت أحقيته في العقار المذكور، والدعوى المذكورة كما تؤكد وثائق صاحب العقار الذي سلب منه عنوة هي امتداد لموضوع الحكم القضائي رقم 251 لعام 2006، وما لحقه من وثائق صادرة عن جهات عامة كثيرة ومن بينها الحكم القضائي رقم 16 لعام 2018، وبأساس تنفيذي 21 قضى بوقف تنفيذ القرار 251 على اعتبار أن القرار المطروح بالتنفيذ هو عيني عقاري ما يستوجب معه حكم وقف التنفيذ أصولاً.

تزوير

وتبين الشكوى المقدمة من مالك العقار أنه في مرحلة لاحقة صدر الحكم القضائي 521 عن محكمة البداية المدنية الحادية عشرة بدمشق المتضمن رد دعوى أقامها الطرف الآخر، وموضوعها التنازل عن قرار حكم، وترقين إشارات، وذلك لعدم صحة تكييفها القانوني فصدر بعدها القرار 9 عن محكمة الاستئناف المدنية الثانية بدمشق ليغير مسار الدعوى التي ردتها محكمة البداية المدنية الحادية عشرة من ترقين إشارات إلى تثبيت حوالة حق، ويناشد صاحب العقار وزارة العدل بضرورة الإسراع بالاطلاع على هذا الملف بمختلف وثائقه بما فيها جلسات الحضور للأطراف المتنازعة والتي سبقت صدور القرار 9، لتكتشف أن محامياً عن أحد الطرفين مقيماً في الجزائر، لكنه حضر الجلسات في دمشق وهو محامٍ معزول من قبل موكلته، وقام بإنابة أحد زملائه المحامين للحضور بدلا عنه، ولكن المفاجأة أن الطرف المناب هو وكيل الخصم، متسائلاً كيف استطاع الطرف الخصم تحضير محامٍ مقيم خارج القطر وهو معزول من قبل موكله، وكيف ينظم إنابة لمحامي الطرف الخصم، وهل يعقل أن يحضر محامٍ واحد عن المدعي والمدعي عليه في آن واحد..؟

في الخارج

وبدورنا حصلنا على بيان الحركة الصادر عن إدارة الهجرة والجوازات برقم 829182 – م والموجه إلى محكمة بداية الجزاء الثالثة بدمشق والذي يثبت أن المحامي المذكور غادر القطر آخر مرة كانت بتاريخ 16/4/2018 من دون إعلام نقابته عملاً بأحكام المادة 92 من قانون تنظيم مهنة المحاماة، كما أنه لم يبلغ موكليه بمغادرته؛ ما أدى إلى عزله، ولكنه حسب وثائق حضور الجلسات فقد حضر الجلسات التي سبقت صدور القرار 9 والمنعقدة بتواريخ 7/10/ 2018 – 4/11/2018. وفيما يتعلق بكتاب الإنابة الذي نظمه المحامي المذكور لوكيل الجهة المستأنف عليها المدعى عليها بالحضور فإنه يثير سؤالاً هاماً، وهو هل يجوز لموكل أن يحضر عن جهتين متنازعتين بنفس الدعوى، ومن جهة أخرى كيف استطاع المحامي المقيم في الخارج أن يحضر الجلسات بدمشق..؟!

رد الدعوى

عضو مجلس فرع دمشق لنقابة المحامين مصطفى أبو غرة قال: إن الدعوى المذكورة ترد، وذلك لعدم صحة الخصومة، مبيناً أنه يجوز للمحامي عند الضرورة أن ينيب عنه في الحضور والمرافعة محامياً أستاذاً آخر على عهدته في دعاوي الشخصية أو الدعاوي الموكل بها بكتاب يرسله إلى المحكمة ما لم يمنع الإنابة في صك التوكيل، موضحاً أنه بحسب المادة 110 من قانون المحاماة فإنه يجوز للوكيل أن ينيب غيره من المحامين في الحضور إن لم يكن ممنوعاً من الإنابة صراحة في التوكيل.

قاضي عقاري فضل عدم ذكر اسمه أشار إلى كثرة أعمال التزوير، ونقل ملكيات بعض العقارات إلى الغير دون علم مالك العقار لاسيما في مناطق التوتر التي أصبحت إلى حد يخشى معه فقدان الوثائق المؤيدة للتسجيل، وأشد المناطق تأثراً هي مناطق السكن العشوائي، فليس لها قيود عقارية، وبالتالي لا بد من الاعتماد على الوثائق الأخرى والشهود للتحقق من سلامة الحيازة والملكية، وبخصوص الدعوى المذكورة بين أنه لا يجوز تكليف محامٍ واحد لجهتين متنازعيتن، وأن الإجراءات المتخذة لحد الآن في القضية المذكورة يمكن إعادة النظر فيها، وأنه من حيث المبدأ فإن القضية فيها الكثير من التزوير، وبحاجة إلى إعادة النظر فيها من جديد.

Mohamdzkrea11@yahoo.com