هذا الإعجاز الإلهي!.
أكرم شريم
تعالوا اليوم نفكر بأنفسنا وبهذا الجسم الذي نعيش فيه وله ومن أجله، وكيف يعمل، وكم فيه من الأعضاء، وعمل كل عضو إذا استطعنا، وخاصة الدماغ الذي يتألف من عدة أقسام: قسم لتخزين المعلومات، وقسم للحكم على الأشياء وبأسرع وقت وقسم للتحكم في كل شيء حولنا أو نقوده، أو نحن مسؤولين عنه، كمسؤولية الأب عن الأسرة، وهو تشفير إلهي في الإنسان يجده يعمل وبكل نشاط ودقة منذ أن يتزوج ويولد له أول طفل!. وكذلك مسؤولية الأم، وهي الأمومة وكما نعلم جميعاً الحمل والولادة، إذ يولد الجنين قطعة لحم صغيرة لا يرى ولا يسمع ولا يعرف شيئاً، وتبدأ تربي هذه الأمومة العظيمة، تنظف وترضع وتحمي وتدفئ، حتى تصير ملابسه وحاجاته أهم من كل ملابسها وحاجاتها وإلى ذلك هذا التبويس الدافئ الذي يصير الطفل الرضيع يحن إليه ويحتاجه ويتدفأ ويسعد به، وهو يراقب هذه الأمومة الرائعة وبما تفيض نحوه من حب وحنان وحرص وحاجة ماسة إليه!.
ولنأخذ الآن جسم الإنسان الذي يتألف من أعضاء عاملة ودقيقة جداً في عملها ويكاد يكون لا حصر لعددها، وأحتكم في ذلك إلى الأطباء المتخصصين، فنحن كمثال حين نسمع الصوت فإن الأذن تسحبه إلى الداخل وكأنما يحدث ذلك بفعل كهربي، ويستقبله الدماغ مباشرة ليقوم بترجمته إلى قسم آخر في الدماغ لمعرفته. فانظروا إذن إذا أردنا أن نتحدث عن الحواس الخمس!. وبما أن الأذن إلى اليمين وإلى اليسار لكي تلتقط كل الأصوات فإن الدماغ لا يهتم إلا بما هو لنا من الأصوات، فما بالك بالعين ومخاطبتها الدائمة للدماغ، فكيف إذا تحدثنا عن الشمّ، وعن التذوق وانظروا هنا عمل اللسان فهو يتذوق ويتكلم وينظف وعلاقته مع الدماغ حميمة وكأنه يعيش في حجرته ويعمل معه، ولا تسألني كم لغة يتكلم اللسان، فبعد أن نعدد اللهجات التي يجيدها، تعالوا نعدد اللغات التي يتعلمها ويستطيع أن يتحدث بها في كل بلد، بل وفي كل مدينة أو قرية هذا الاختلاف في اللهجات بين كل قرية وأخرى وبين كل مدينة وأخرى، وكم تريد أن تتعلم من اللغات فهو يساعدك!.
وانظروا هنا إلى هذه الأصابع التي أكتب ونكتب ونأكل بها وتقوم بأعمال لا حصر لها في حياتنا ومن يستطيع أصلاً أن يحصر عمل الأصابع؟! وهل تعرفون كم قطعة عظم في جسم الإنسان، إنها أكثر من مئتين وخمسين عظمة، ولكل واحدة منها عملها، فكم من إعجاز إلهي صار في جسم الإنسان؟!. وهناك صفات أخرى قد لا يتسع المجال لذكرها، ومنها القدرة الطبيعية والسهلة على الصبر، وكذلك على التعاون، والاقتناع بضرورة المساعدة، والتضحيات بالمال والوقت والجهد في معظم الأحيان ودون حساب أو ندم، بل بمحبة وسعادة!. إن الإعجاز الإلهي، وفقط في جسم الإنسان وحده لا حصر له، فما بالك بكل ما خلق الله من المخلوقات والأشجار والنباتات والأكوان أيضاً!. وهكذا تكون النصيحة اليوم: إن الإلحاد في هذا العالم إنما هو أكبر الخرافات الشائعة على الإطلاق!.