دراساتصحيفة البعث

مرتفعات الجولان ليست ساحة للعب

 

ترجمة: البعث
عن صفحة جوشوا لينديز 16/3/2019
أعاد دعم الولايات المتحدة المتزايد للاعتراف بضم “إسرائيل” للمنطقة، الهضبة الاستراتيجية إلى الساحة المركزية الدولية، كما أن تخلي واشنطن المتصاعد عن النظرة الأمريكية التقليدية للجولان كأرض سورية محتلة من قبل “إسرائيل”، والتي سيتم دعمها على مدى عقود كجزء من إجماع دولي واسع، يعكس معركة ما بعد الحرب.
لقد أشارت وزارة الخارجية الأمريكية إلى أحدث تغيير بشأن الجولان المحتل عندما أسقطت بشكل ملحوظ الإشارات القديمة للجولان باعتباره “محتلاً من قبل إسرائيل”، وفي هذا الصدد يقول السيناتور الأمريكي ليندسي غراهام، الجمهوري من ساوث كارولينا، وهو أحدث سياسي أمريكي بارز يدعم سياسة أمريكية أكثر عدوانية تعترف بالجولان الذي تم الاستيلاء عليه من سورية في حزيران 1967، خلال زيارة قام بها مؤخراً إلى المنطقة: “الجولان ليس موضع خلاف، إنه في أيدي إسرائيل، وسيظل دائماً في أيدي إسرائيل، هدفي هو محاولة شرح ذلك للإدارة”.
غراهام هو صوت مؤثر في نقاش واشنطن حول سورية، فهو دعم بقوة استمرار سيطرة الولايات المتحدة على الجزيرة السورية كجزء من جهد عدواني لاحتواء محور المقاومة: سورية وإيران وحزب الله، وكذلك روسيا، وقد وصف انسحاباً إسرائيلياً افتراضياً من الجولان بأنه “كابوس استراتيجي”، و”انتحار” سياسي.
بدوره أبدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اهتمامه بخرق قواعد الدبلوماسية الإسرائيلية العربية التقليدية، ليس أقلها قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، لقد اتخذ خطوة مهمة في التنصل من معارضة الولايات المتحدة القديمة لقرار “إسرائيل” أحادي الجانب في عام 1981 بضم مرتفعات الجولان، ولا يوجد أحد في واشنطن على استعداد لإقناع الرئيس بأن الاعتراف بالأمر الواقع على الجولان فكرة سيئة، لذلك فإن استيعاب المصالح المشروعة لسورية، ناهيك عن الإجماع الدولي الذي يعارض الضم، هو أقل مخاوف واشنطن، لأنها تعثرت في سياستها الجديدة، فالكل يعلم أن قوة الولايات المتحدة تدهورت في المنطقة بسبب الحرب على سورية، وأدت أوجه القصور في السياسة الأمريكية إلى مكاسب روسية، ليس أقلها وجود القوات الروسية على حدود الجولان.
يُنظر إلى اعتراف الولايات المتحدة بضم “إسرائيل” للجولان كوسيلة لمعاقبة سورية على هذه الخسائر، وقبل الحرب على سورية، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يميل إلى الانسحاب لحدود 4 حزيران 1967، ومع ذلك، وما إن بدأت الحرب، نظر نتنياهو إلى الاعتداء على سورية على أنه فرصة لتجنيد دعم واشنطن لقتل احتمال التوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض، وانتزاع مصادقة الولايات المتحدة على إعلان “إسرائيل” الأحادي بضم الهضبة.
في عام 2016، أخبر نتنياهو وزير الخارجية الأمريكي جون كيري: “لقد حان الوقت لكي يدرك المجتمع الدولي الواقع بحقيقتين أساسيتين: الأولى: مهما جرى أي تبديل للواقع، الحدود نفسها لن تتغير، والثانية: بعد 50 عاماً، حان الوقت لكي يدرك المجتمع الدولي أخيراً أن مرتفعات الجولان ستبقى تحت سيادة “إسرائيل” بشكل دائم” حسب تعبيره.
ومع ذلك، فإن التغييرات في السياسة الأمريكية بشأن الجولان لن يكون لها تأثير فوري على ثروات الجولان، كما أن احتمال التوصل إلى اتفاق عن طريق التفاوض بين “إسرائيل” وسورية أبعد من أي وقت مضى، لأن “إسرائيل” تواصل احتلالها، ويستخدم السياسيون من جميع الأحزاب مشاهد توسيع المستوطنات الإسرائيلية عبر الامتداد المليء بالحجارة كدعائم سياسية للانتخابات المقبلة.
تراجعت واشنطن عن موقعها التقليدي الذي تمت المصادقة عليه دولياً، والذي يتضمن اتفاقية الفصل بين القوات لعام 1974 التي حافظت على سلام غير مستقر عبر الحدود منذ حوالي 50 عاماً.
في الوقت نفسه ترفض سورية التحرك الأمريكي، وتتجه لتعزيز وجودها في القنيطرة، وترى أنه لا يمكن لأحد أن يقوّض قدسية السيادة السورية على الجولان، ويشير تاريخ المنطقة إلى أن الغطرسة الأمريكية في غير محلها، والتحرك الأمريكي باتجاه “إسرائيل” هو دعوة للصراع.