إنجازات “فيسبوكية”
تكشف صفحات الفيسبوك والمواقع الرسمية للوزارات المختلفة عن خلل واضح في العلاقة مع الناس، حيث يبدو أن استثمارها للنشاط الفيسبوكي أو غيره من خدمات الشبكة لم يفلح في ترويج إنجازاتها إن كانت موجودة، وتسويق نفسها سواء في الشارع أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا ما يعكس واقعها الحقيقي الغارق بالمشكلات؟ فتواضع أرقام المتابعة للصفحات والتي لا تتعدى الآلاف يدينها وبشدة بالتقصير وعدم المصداقية فيما تنشره عبر الشبكة، ويوضح الموقف الشعبي منها، وما يلفت الانتباه أكثر أن عدد التعليقات على أخبار الوزارات لا يتعدى أصابع اليد الواحدة، وهذا ما يزيد من الشكوك في حقيقة الأداء ومدى نجاحها في كسب الرضى الذي تم تحديده من قبل رئاسة الوزراء كهدف رئيسي للعمل الحكومي.
ولن يكون للكلام معنى إذا تم إغفال الأمثلة الكثيرة الدالة على إخفاق بعض الجهات في الدخول من بوابات الواقع والشبكة إلى حياة المواطن والتواصل معه كما هو مفترض، فعلى سبيل المثال لا الحصر تنشر صفحة وزارة الكهرباء باقة من الأخبار المتواضعة والهامشية التي لا نقرأ فيها سوى المحاولات الساعية لتبرئة ساحة الوزارة وتحميل المشتركين مسؤولية الواقع الكهربائي بالكامل، وإلقاء التهم على الاستجرار غير المشروع دون الأخذ بأن الكثير من الحالات غير المشروعة تتم من قبل كوادرها التي تستثمر في حاجة الناس للتيار الكهربائي، وطبعاً نحن لا نبرر أو نشرعن المخالفة، ولكن نشير إلى ذلك التواطؤ المأجور الحاضن لغالبية التجاوزات.
ومن المؤكد أن الطرح هنا ليس بقصد الإساءة لجهود الكوادر الكهربائية بل للسؤال عن المليارات من الليرات المصروفة على الشبكات والمحولات وغيرها من التجهيزات التي تشكل بمجموعها فاتورة لايستهان بها، لتحاكي واقعاً افتراضياً غير موجود، وطبعاً التدقيق والمقارنة سيسقط ورقة التوت عن حقيقة التصريحات المتعلقة باستبدال 90% من الشبكات الكهربائية التي مازالت تعاني من الهدر والأعطال بما يحيل ملفات جودتها ولجان استلامها إلى أروقة الرقابة والتفتيش.
ولاشك أن تحسن الواقع الكهربائي خلال اليومين الفائتين لن يمحو سنوات من المعاناة التي تشكل اليوم حالة استفزازية للشارع السوري الذي تلسعه قيمة الفواتير الكهربائية بأرقامها الخيالية وغير الواقعية؛ نظراً لعدم قيام الكثير من المؤشرين بدورهم والاعتماد على الحسابات التقديرية التي تقود الجميع إلى استخدام أساليب ملتوية لتأمين هذه الخدمة الضرورية للتخفيف من الأعباء المالية وما أكثرها في هذه الأيام، وبكل تأكيد لن نستبق الأمور ونحكم بشكل سلبي على الأيام الكهربائية القادمة التي ستكون بمثابة امتحان كهربائي للوعود التي ترددت خلال الأشهر الماضية عن أن استقرار الطقس سيكون له مردوده الكهربائي الإيجابي.
ومن جهة أخرى تجاوز الخيبة الشعبية سواء من وزارة الكهرباء أو غيرها من الوزارات يحتاج إلى جانب النشاط الفيسبوكي المتقن إلى حقائق وجهود مبذولة في ساحات العمل، وإيقاف أسطوانة الخسائر وأرقام منظومة الدعم الكهربائي التي يضعها المواطن في خانة “الهرطقات”.
بشير فرزان