شروط تعجيزية
تحدثنا سابقاً عن وجود قطبة مخفية تسبّبت بأزمتي الغاز والمازوت خلال الأشهر الماضية لا يشير إليها المعنيون مجرد إشارة صغيرة..!
هذه القطبة هي التنافس أو الصراع بين كبار المستوردين الذين يحتكرون توريد المشتقات النفطية، ويحققون أرباحاً بالمليارات سنوياً..!
وسألنا وزارة النفط أكثر من مرة: من يحتكر توريد احتياجاتنا من المازوت والغاز والفيول..؟
ولكن لم تجب الوزارة عن السؤال حتى الآن، بل لن تجيب عليه في الأمد المنظور..!
ولعل السؤال الأهم: لماذا لا يسمح سوى لقلة من المحتكرين باستيراد المشتقات النفطية..؟
رئيس الحكومة أصدر مؤخراً قراراً يسمح لغرف الصناعة والتجارة باستيراد احتياجات الصناعيين من المازوت والفيول وفق شروط ميسرة.
وكان الهدف من القرار توفير المادة للصناعة الوطنية من جهة، وتحقيق وفر يسد احتياجات المواطنين من جهة أخرى، ورحب بالقرار جميع الفعاليات الصناعية والتجارية والخدمية ..إلخ.
والأهم أنه قرار يكسر الاحتكار ويجعل المنافسة أوسع وأكبر.. ولكن..!
يبدو أن القرار أغضب محتكري توريد المشتقات النفطية فاستنفروا بما يملكونه من نفوذ لمنع غرف التجارة والصناعة من الاستيراد، وليعلنوا جهاراً: ممنوع استيراد المازوت والفيول إلا من خلالنا حصراً..!
وأصبح معروفاً أن محتكري توريد المشتقات النفطية لا يدلون بتصريحات مباشرة ولا يعترضون علناً، فهم يفضّلون الفعل على الكلام، وقد وصلت رسالتهم سريعاً: ممنوع استيراد المازوت والفيول..!
وفعلاً لم يتمكن أي أحد من التجار أو الصناعيين من استيراد ليتر واحد حتى الآن..!
لقد حرصت الجهات البيروقراطية الموكلة بتنفيذ قرار رئيس الحكومة بوضع شروط تعجيزية تجعل من استيراد المشتقات النفطية أمراً مستحيلاً، أو عملية خاسرة..!
وهذه الشروط مناقضة تماماً لتوجيه رئيس الحكومة في مجال تسهيل وصول المازوت للصناعيين الذين تم السماح لهم باستيراده إلى معاملهم دون احتكار..!
لكن ما حدث العكس تماماً؛ كرمى جيوب قلة من محتكري توريد المشتقات النفطية..!
قالها رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية بصراحة اشتهر بها: وكأنّ شروط جلب المشتقات النفطية كتبها أحد كبار محتكريها.. هذه شروط تعجيزية تعرقل فك الحصار لمصلحة قلة قليلة من المستوردين..!
ما حصل يؤكد أن تصحيح الشروط وتسهيل الإجراءات بما يتيح المنافسة بين عدد كبير من المستوردين لا بين قلة من المحتكرين.. يتطلب تدخلاً سريعاً من رئيس الحكومة كي ينفذ قراره بلا شروط تعجيزية..!
وبما أن مكتب اتحاد غرف الصناعة السورية يؤكد أنه منذ صدور القرار بتاريخ 5 آذار الجاري حتى تاريخه لم يتم استيراد لتر مازوت واحد من الصناعيين.. فهذا يعني أن رسالة المحتكرين وصلت إلى من يهمه الأمر: ممنوع استيراد المشتقات النفطية إلا عن طريقنا..!
السؤال: من سيردع هؤلاء المحتكرين وأعوانهم..؟!
علي عبود