التأمين الصحي الشامل بحاجة لتأمين.. والمتقاعدون خارج المعادلة
لم يعد التأمين الصحي الشامل يحقق أهدافه التي تم الإعلان عنها عندما تم إقراره منذ عشر سنوات مضت، فباتت كل مفاصله بحاجة لإصلاح شامل؛ لأن بنود عقوده تمت مخالفتها بعد كل هذه السنوات العشر التي مرت على المشتركين به، والذين سرعان ما اقتنعوا أنه يفيد شركاته بالدرجة الأولى، فقد توضحت نقاط ضعفه في النص والتطبيق؛ لأن نصه يتضمن تغطية جوانب على حساب جوانب أخرى، مع تفاوت الخدمات بين شركة وأخرى، وليخسر بين هذا التفاوت صاحب المرض المزمن، وفي ظل هذه المعاناة للموظفين المشتركين بهذه النعمة التي تنعَّم بها شركات التأمين على حساب صحة الموظفين، تتحمل إدارات المؤسسات ونقاباتها مسؤولية تقييم نص وبنود الاتفاق الذي تم إبرامه مع شركات التأمين، إضافة لعدم وضع العاملين لديها بما يحصل من سلبيات في هذا التأمين، كما عليها أن تستدعي مندوب شركة التأمين ليجتمع مع المشتركين لديها في هذا التأمين ومناقشة كل السلبيات التي من شأنها تفيد الشركة على حساب الموظف المشترك، وفي جامعة البعث حاولت نقابة المعلمين جاهدة أن تتواصل مع هذا المندوب الذي تجاوب في البداية، ومن ثم سوَف الأمر، تارة بالتأجيل وتارة أخرى بالمماطلة.
ولأن الصحة تاج على رؤوس الأصحاء، فما زال المحتاجون للطبابة أكثر من الجميع -وهم المتقاعدون- خارج معادلة هذا التأمين، فإن تشميلهم وهذا لم يحصل حتى الآن، فلن يشمل أفراد أسرته.
التأمين الصحي الشامل أصبح حملاً ثقيلاً على المشتركين به؛ وذلك لأن الاستفادة منه أضحت كمن يضحك على الذقون وخاصة أن تطبيقه بالشكل الأمثل بات ضرباً من ضروب المستحيل، بعد أن استفحلت أمراضه مع مساهمة فعالة من بعض الأطباء الذين يضربون مع الطمع موعداً بعد أن باتوا يطلبون مبالغ إضافية عما يستحقونه، وهذا الأمر ينطبق على بعض المشافي الخاصة التي لا تستقبل الحالات الإسعافية بحجج واهية، ولن ننسى أن بعض العاملين يأخذون أكثر من حقهم، وذلك لأن فكرة التأمين بُنيت على أساس التضامن الصحي الاجتماعي، بمعنى أن الموظف يدفع مبلغاً شهرياً من راتبه للتأمين الصحي لقاء تقديم الخدمات الصحية للمريض، بينما المعافى يساهم بشكل أو بآخر بتقديم ما يلزم لزميله المريض، ومع كل ذلك توضح أن هذا التأمين يقبع تحت مفارقة، وهي آلية التطبيق التي بدأت بشكل يلبي ما يحتاجه المشترك به، ومن ثم يدخل في متاهة التراجع بهذه الخدمات من عام لآخر حتى إنها ستبدأ بالتلاشي إذا لم يتم وضع حد لكل السلبيات التي نتجت عن السنوات العشر الماضية، فهل يتم ذلك.. لننتظر ونرى..!
نزار جمول