ترامب يضع أمريكا ..في المؤخرة!
ترجمة: علاء العطار
عن “ذي أميريكان كونزيرفاتيف” 21/3/2019
“كل شيء له حدود، إلا غباء الإنسان لا حدود له”، مقولة أثبت ترامب أنه دليل حيّ عليها، وما كلامه عن الجولان سوى هراء تلفّظه لسانه قبل عقله، وما عاد هراؤه يفاجئنا.
كعادته، أعلن ترامب عن الاعتراف بضم إسرائيل هضبة الجولان دون أن يتشاور مع أي من مسؤولي إدارته المعنيين. فقد جاء في مقالة على موقع “ماكلاتشي”: “أدهشت تغريدة الرئيس دونالد ترامب، التي اعترف فيها بمرتفعات الجولان كأراضٍ إسرائيلية، أعضاء فريق السلام المختص بشؤون الشرق الأوسط، ووزارة الخارجية”.
كان يعتقد الدبلوماسيون الأمريكيون والمساعدون في البيت الأبيض أن قضية مرتفعات الجولان ستحتل صدارة ومحور اجتماعات الأسبوع المقبل بين ترامب ونتنياهو في البيت الأبيض، لكنهم لم يكونوا مستعدين لأن يقوم الرئيس بهكذا إعلان.
ولم يتمّ الشروع في أي عملية رسمية أو وضع لجان تنفيذية في الولايات المتحدة لمراجعة الخطة قبل قرار ترامب، وترك ذلك الدبلوماسيين المسؤولين عن تنفيذ هذه الخطة مشدوهين.
بعد مرور أكثر من عامين من مشاهدة أسلوب “حكم” ترامب المتهور والطائش، لم يعد يشكّل اتخاذه لتلك القرارات دون سابق إنذار مفاجأة لأي شخص، ولا يوجد أي دليل أبداً على أن ترامب يفكر ملياً في أي شيء كان، لذلك لا يرى أي سبب يمنعه من إخبار أي شخص مسبقاً بما سيفعله، ولا يكاد ترامب يكلف نفسه عناء التشاور مع الأشخاص المسؤولين عن تنفيذ سياساته والتعامل مع التداعيات الدولية، وربما يكون ذلك هو السبب في أن العديد من قراراته السياسية تنتهي بصورة رديئة جداً، ومن المستبعد جداً أن يكون فحوى معظم قرارات ترامب المتعلقة بالسياسة الخارجية جيداً، لكن عدم وجود عملية سياسة منظمة بشأن القرارات الرئيسية يجعل تلك القرارات أكثر عشوائية وأكثر اعتباطية مما ستكون عليه بوجودها!.
ولا يوجد إطلاقاً أي مكسب للولايات المتحدة في تأييدها للمطالبات الإسرائيلية غير الشرعية حيال مرتفعات الجولان، بل إنها حيلة سياسية مثيرة للسخرية تهدف إلى تعزيز حظوظ نتنياهو والليكود في الانتخابات المقبلة، كما أنها حيلة مثيرة للسخرية تهدف إلى حشد دعم لترامب من الناخبين والمتبرعين الجمهوريين “الموالين لإسرائيل”. ومهما كانت المكاسب التي تحقّقها إسرائيل على المدى القصير، لن تكسب الولايات المتحدة شيئاً وستخسر قدراً ليس بالقليل من حيث مكانتها الدولية، وليس هناك أي مراعاة للتكاليف والمشكلات التي سيخلقها ذلك للولايات المتحدة في علاقاتها مع الدول الإقليمية الأخرى وما وراءها، لأن ترامب لا يعير اهتماماً للآثار طويلة الأجل التي تحدثها قراراته على البلاد، ومرة أخرى، وضع ترامب طموحات سياسية ضيّقة ومصالح حكومة أجنبية فوق مصالح الولايات المتحدة، ويبدو أن هذه هي النتيجة الحتمية لانتخاب نرجسي ينفذ سياسته الخارجية استناداً إلى القادة الذين يسبغون عليه كلمات المديح والإطراء.
ويمكن تتبع قرار ترامب الطائش إلى زيارة بولتون لإسرائيل في وقت سابق من هذا العام، فقد قال مسؤولو الإدارة إن بولتون كان له يد في هذا القرار، بعد زيارته لإسرائيل في كانون الثاني ليؤكد للمسؤولين هناك أن الولايات المتحدة لن تتخلّى عنهم في سورية بالرغم من سحب ترامب المفاجئ للقوات من ساحة المعركة”.
عادة ما يكون بولتون المسؤول عن أي قرارات سياسية مدمّرة وحمقاء على مدى العام الماضي، ولا يزال تأثيره المشؤوم ينمو، كما يمكننا أن نرى عملياً الآثار الضارة لهوس الإدارة الأمريكية بإيران، لكن في النهاية، لم يحدث “الانسحاب” من سورية، ويبدو أنه لن يحدث أبداً، لكن ترامب يعطي إسرائيل ما تريد مقابل أي شيء حتى يتمّ “طمأنتهم” من جهة دعمنا الأعمى لهم.