بأية حال عدت يا قمة..!
أكملت تونس استعدادها لاستضافة القمة العربية التي ستنعقد الأحد القادم، والسؤال الكبير الذي يتردد بقوة هو: هل ستأتي القمة بجديد أم أنها ستعيد إنتاج ما مضى مما دأبت القمم السابقة على إنتاجه من مواقف شكلت وصمة عار في تاريخ الجامعة العربية التي أصبحت في حقبة الربيع العربي الأسود رأس حربة المشروع الإمبريالي الصهيوني لتدمير الدول الوطنية العربية واجتثاث جذور مشروعها النهضوي. والتحدي الكبير الذي تواجهه القمة هو انعقادها في ظل استمرار الصراعات العربية البينية، وتحول جزء من الأنظمة العربية الحاكمة إلى أعداء لدودين للمشروع العروبي بمختلف مضامينه الوحدوية والتحررية والتنموية، وفي ظل انكشاف المخططات الخطيرة التي تهدد الوطن العربي كله، وليست صفقة القرن، واعتراف ترامب بالسيادة الصهيونية على الجولان العربي السوري المحتل، وتصاعد العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني، والاستمرار الغربي في استهداف الدول العربية والعمل على تقسيمها… ليس كل ذلك سوى بعض عناوين تلك المخططات التي لم يعد خافياً أن الرجعية العربية التي تسيطر على الجامعة هي الأداة الأمريكية الصهيونية الموظفة في خدمتها.
غالبية الأوساط السياسية والإعلامية والشعبية في تونس لا تعلق أي أمل على هذه القمة، وترى أنها محكومة بميزان قوى إقليمية ودولية لن يسمح لها بتحقيق أي تقدم جوهري لجهة تصحيح الوضع العربي المختل، وإعادة الاعتبار لقضية فلسطين ولمقاومة الصهيونية بعد سنوات كارثية من محاولات حرف بوصلة الصراع نحو الاتجاه الخاطئ، والتطبيع مع كيان العدو بل ودخول بعض الأنظمة العربية في تحالف معلن معه.
إن قمة تنعقد في ظل تحكم الرجعية العربية المتصهينة بالقرار الرسمي العربي، وغياب سورية التي كانت، كما يؤكد تاريخ القمم العربية صمام أمان قضية فلسطين ومحرك العمل الوحدوي والتضامني العربي، لا ينتظر منها أن تأتي بما يرضي الجماهير العربية التي أصبح مجرد الحديث عن القمة يثير لديها السخط والسخرية في ذات الوقت.
أحد المحللين السياسيين التونسيين قال: إن لهذه القمة إيجابية وحيدة وهي أنها لن تستهدف هذه المرة دولة عربية مثلما استهدفت سابقاً العراق وليبيا وسورية.
فإلى أي حد من التردي وصل الوضع العربي إذا كان عدم التآمر على الدول الوطنية العربية، وعدم شرعنة تدميرها هو أقصى ما يأمله البعض من القمة العربية، بعد أن كان المأمول من هذه المؤسسة ذات يوم أن تكون أداة العرب ، إن لم يكن إلى الوحدة وتحرير فلسطين، فإلى التضامن وحماية الأمن القومي العربي على الأقل …!!
محمد كنايسي