المكاتب اللصيقة !
تجتهد عدة جهات من أجل إحراز تقدم على صعيد العمل وتحقيق ما يطلق عليها القفزة النوعية في الأداء الوظيفي، حيث تنهمك في “فصفصة” القوانين واستقدام المصطلحات والبحث عن مخارج آمنة للخطوات المدرجة في مسالك التأسيس لهياكل إدارية نشطة وفعالة وقادرة على إرضاء المواطن والقيام بالمهام، في الوقت الذي تسير فيه بعكس الاتجاه، حيث لا يلاحظ إلى الآن فرق واضح في الأداء رغم الحديث المتكرر عن اختلاف حقيقي حاصل في التعاطي المؤسساتي الإداري والخدمي والإنتاجي وو.؟
وما يثير الغرابة أنه في قلب هذا الضجيج وهذه الجعجعة الإدارية هناك وقائع إدانة بالعرقلة وعدم الجدية من الجهات نفسها، فما يقال شيء وما يطبق شيء آخر لا يختلف فقط، بل يتعارض مع التوجهات والإجراءات الإصلاحية وبشكل يعيدها إلى خط البداية الذي تتزاحم فيه شواهد الإثبات على اصطناع أبواب جديدة غير مؤهلة لمرور التغيير المطلوب إدارياً ومؤسساتياً، وعلى سبيل المثال نسأل عن حقيقة ما يسمى المكاتب الخاصة المتواجدة في الوزارات والمؤسسات والتي تشكل جزءاً من منظومة المكاتب اللصيقة بمكاتب الوزراء والمحافظين، والتي لا تعرف مهامها الحقيقية ومدى قانونية وجودها في دائرة صاحب القرار مع (السكرتيريا والعلاقات العامة) وغيرها من التسميات الوظيفية التي تشكل حلقات مغلقة تمتلك صلاحيات واسعة، وهامشاً واسعاً للاتصال والتواصل، كقنوات لإدارة الإعمال المختلفة وبعضها ينتهج صفة العمل السري، وما يقلق أكثر أن هذه الأعمال أصبحت جزءاً لا يتجزء من العمل الوظيفي، وهنا نتحدث عن عمل متقن لفلترة المعاملات التي يراد لها أن تمرر إلى ميادين التنفيذ( من فوق الأسطح ) كما هو شائع بين الناس.
والحالة الثانية المقلقة تحول بعض المكاتب المسؤولة، ومنها الوزارية وغيرها من المؤسسات إلى مكاتب لإدارة شبكة من العلاقات العامة، وبشكل أوضح تدخلات من خلال الروابط التي لا تنتمي إلى العمل الوظيفي، ولا يقف الأمر عند هذا الحد، فمن الملاحظ وجود بصمات عائلية في صناعة بعض القرارات ورسم الاستراتيجيات.
وليس سراً القول إن الكثير من المؤسسات العامة لم تستأصل بعد أمراضها المزمنة حيث تقرع فيها طبول الحرب على الفساد فقط دون أية إجراءات تنفيذية. باختصار إذا كانت النوايا جادة لتحقيق التغيير.. فلماذا لا يتم البدء من مكاتب الوزراء التي نعتقد أنها بحاجة إلى إعادة النظر في واقعها وكوادرها المتنقلة من وزارة إلى أخرى برفقة صاحب القرار تحت عنوان الثقة، وبغياب المعايير الوظيفية الذي يزيد من غموض وظائفها التي تحتاج إلى إخراج فعلي وفوري من دائرة الشبهات بالتدخل تحت مظلات أو صفات خاضعة للرغبات الشخصية.؟!
بشير فرزان