يا لها من بشرى..!
بشّرتنا الهيئة العامة للمنافسة ومنع الاحتكار بأن أسعار الفروج واللحوم ستبقى مرتفعة حتى عيد الأضحى المبارك.. ويا لها من بشرى..!
ولا ندري إلى من تتوجه الهيئة بزف هذه البشرى غير السارة..؟!
هل هي لأصحاب الدخل المحدود الذين تخلوا قسرياً عن شراء اللحوم البيضاء والحمراء إلا في حالات قسرية أيضاً.. أم هي تحذير وتنبيه للمقتدرين مالياً الذين يتفاخرون أصلاً باستهلاك السلع الغالية التي تصبح “عزيزة” جداً على الشريحة العظمى من الناس..؟
وفي المقابل بشّرنا رئيس جمعية الأجبان بانخفاض أسعار الحليب ومشتقاته من الآن حتى نيسان القادم، وهي بشرى تُسعد العاملين بأجر، وخاصة أنها تأتي مع بداية موسم الخضار والفواكه التي ستنخفض أسعارها أيضاً خلال الأسابيع القادمة..!
وإذا كانت قاعدة العرض والطلب سارية المفعول في أسواقنا.. فلا ندري كيف سيستمر ارتفاع أسعار اللحوم والفروج مع انخفاض الطلب عليها خلال الأشهر القادمة، أي حتى عيد الأضحى، أي في الصيف الحار جداً..؟
ولم تكتفِ هيئة المنافسة بزف البشرى غير السارة، بل أرفقتها بمقترح السماح باستيراد اللحوم الحمراء المثلجة والمبردة بأقصى سرعة ممكنة لسد النقص الحاصل والفجوة القائمة ما بين العرض والطلب عليها..!
وهذا المقترح يُسعد المستوردين، وخاصة أنه يتضمن مقترحاً آخر، وهو تخفيض التعرفة الجمركية للحوم المستوردة بكافة أشكالها وأنواعها الحية والطازجة والمبردة والمجمدة لتصبح 1% بدلاً من التعرفة السائدة وهي 5% للحوم الحية، و10% للطازجة والمبردة والمجمدة..!
والهيئة ببشراها ومقترحها توحي وكأنّ المستوردين سيوردون لنا لحوماً آمنة صحياً، وأنهم سيبيعونها بأسعار بمقدور العاملين بأجر شراءها..!
ونتحدث عن مستوردين تجاوزاً.. ففعلياً من احتكر استيراد اللحوم خلال العقود الماضية كان مستورداً واحداً لم ينازعه أي منافس..!
أكثر من ذلك تبدو بشرى الهيئة العامة للمنافسة باستمرار أسعار الفروج واللحوم المرتفعة حتى الصيف وكأنّها دعوة للمهربين كي ينشطوا أكثر بتهريب الفروج النافق واللحوم الفاسدة وخاصة لحوم الجاموس، وبيعها كلحوم بقر..!
جهات رسمية أخرى كان لها رأي مناقض؛ فهي عزت أسباب ارتفاع الفروج بنجاح حملة مكافحة تهريب الفروج التركي النافق والفاسد، وبأن الأزمة ظرفية ستنفرج مع دورة نضوج الفروج السوري قريباً..!
وأما بالنسبة للحوم فالجميع يؤكد أن سببها وفرة المراعي وعزوف المربين عن بيع الفائض من قطعانهم من جهة، وتهريبها إلى دول لا ترغب إلا بلحم الخروف العواس السوري من جهة أخرى..!
وكما نرى المشكلة ظرفية ستنتهي مع نهاية موسم المراعي، وهو قريب من جهة، وتتعلق بإحكام السيطرة على منافذ تهريب الأغنام عبر الأردن وسورية من جهة أخرى..!
وبدلاً من الدعوة لاستيراد الفروج واللحوم مع ما يعنيه ذلك من استنزاف للقطع وتدني سعر صرف الليرة، فلتكن الدعوة لدعم مربي الفروج والأغنام والأبقار.
ومن المستغرب جداً جداً أن تروج هيئة المنافسة لمقولة غياب مؤسسات التدخل الإيجابي لمنع ارتفاع أسعار اللحوم، في حين أن صالاتها تبيع لحوم الغنم والعجل بالسعر الرسمي، وبفارق لا يقل عن ألف ليرة للكيلوغرام عن سعر السوق..!
بالمختصر المفيد: إذا كان البديل حالياً وللأشهر القليلة القادمة هو استيراد الفروج واللحوم فليكن عن طريق “السورية للتجارة” حصرياً، وقد سبق وفعلتها بنجاح باستيراد الفروج الإيراني، وكان آمناً صحياً، وسعره بمتناول الجميع..!
علي عبود