“المواطنة والعروبة” في محاضرة بمدرسة الإعداد الحزبي دخل الله: القومية العربية انتماء وعمل
ريف دمشق- البعث:
أكد الرفيق الدكتور مهدي دخل الله عضو القيادة المركزية للحزب رئيس مكتب الإعداد والثقافة والإعلام المركزي، على أنّ مفهوم الأمة أو القومية لم يكن واضحاً خلال فترة معينة من الزمن، مشيراً إلى أنّ أول ظهور للمفهوم في إيطاليا خلال القرن الثامن عشر وقد أخذ يتطوّر خلال القرن التاسع عشر في جميع الأمم الكبرى الأوروبية كاللاتينية والأنكلو سكسونية والسلافية.. وغيرها.
وأشار الرفيق دخل الله خلال محاضرة ألقاها في مدرسة الإعداد الحزبي المركزية بمدينة التل – بريف دمشق، إلى تأثّر الفكر القومي العربي بالفكر الغربي في الحديث عن الأمة والقومية، موضحاً أنّ ما كتبه المفكرون العرب، أمثال ساطع الحُصري وميشيل عفلق، حول الأمة العربية كان متأثراً بالفكر الغربي وخاصة الفرنسي، ولفت إلى ظهور ثلاث مدارس تحدثت عن القومية كان لكل منها توجّه وفكر يختلف عن الآخر، الأولى المدرسة الرينانية (ذاتية نفسية) والتي تقول إنّ الأمة هي مجموعة من البشر تجمعها عوامل نفسية خاصة بها وتميزها عن غيرها، وهي تركّز على الشعور، وهو ما يستند عليه ساطع الحصري وعفلق في تفسيرهم للأمة العربية. والثانية هي المدرسة الوضعية التي ظهرت في الدول الاسكندنافية والتي تقوم على وحدة الدم (العرق ) والأرض (الجغرافية) والمصير (مصالح مشتركة). وهي تطوّرت بشكل كبير جداً في ألمانيا مع «هتلر». مشيراً إلى أن المدرسة الثالثة هي الموضوعية المثالية، حيث استطاع «هيغل» أن يجمع بين المثالية والموضوعية، وخاصة بعد انتهاء الحكم الكنسي في أوروبا، موضحاً أنّه من هنا اخترع «هيغل» مفهوم العقل المطلق الذي يسير باتجاهه الحدوث التاريخي.
وأوضح الرفيق دخل الله أنّ الحدوث التاريخي «موضوعي» والعقل المطلق «مثالي» لكن الحدوث التاريخي يتجه نحو تحقيق العقل المطلق (المفهوم المثالي)، أي أنّ المفهوم المثالي يتوضّع في التاريخ مرحلة تلو الأخرى عبر الحدث الموضوعي، مشيراً إلى عبارة «هيغل» التي تقول: «كل ما هو عقلي هو واقع وكل ما هو واقع هو عقلي»، بكونها تفسّر الجمع بين الموضوعية والمثالية.
أمّا المدرسة الرابعة فهي المدرسة الأمريكية المستحدثة والتي ترى أنّ أي دولة هي أمة، فالدولة تصنع الأمة وهو عكس ما جاء به «هيغل» الذي يرى أنّ الأمة هي التي تصنع الدولة. لافتاً إلى ما جاءت به المدرسة الفرنسية حول مفهوم الدولة والتي تقول: إنّ الدولة هي عقد اجتماعي بين الناس، وهي شر لا بد منه. أمّا «هيغل» فيرى أنها ضرورية للوصول إلى المثالية.
وخلال حديثه عن الفرق بين الأمة العربية والقومية العربية رأى الرفيق دخل الله: بأن أهم العوامل التي تجمعها المدارس الأوروبية موجودة عند العرب، أمّا الدين فلا يمكن أن يكون عاملاً لتشكيل الأمة إلا ضمن إطار الثقافة والإيمانيات والعبادات والروحانيات، إلّا أنّ الذي ينقص هو المفهوم الأميركي بوجود دولة عربية، ونوه إلى أنّ ذلك لا يمنع من وجود أمة عربية لأن هناك الكثير من الدول تجمع فيها أكثر من أمة وهناك قوميات بأكثر من دولة، وهناك أمم لا يوجد لها دولة، مبيناً أنّ الأمة توجد قبل الدولة وليس بعدها، فالأمة العربية موجودة بالحق نفسه الذي توجد به أمة روسية على سبيل المثال.
وأشار إلى أنّ القومية العربية هي انتماء وعمل، أي العمل بما تقتضيه مصلحة الكيان. مبيناً أن مفهوم القومية لا يقتصر على الموضوعي فقط، وإنما الحركي و الديناميّة والإيمان، والعمل من أجل حماية هذا الانتماء. وفيما يخص العروبة رأى أنّها كل ما ينتج عن الكيان في وسط تاريخي، وهي فضاء حضاري وثقافي يخضع له كل من يُقيم داخل الأرض العربية ولو كانوا من غير العرب.
وبين دخل الله أن تاريخ الأمة العربية كان ركيزة أساسية من 12 ركيزة أنشأت الحضارة الإنسانية، مبيناً أنّه لولا الأمة العربية لما كان هناك حضارة إنسانية، مشيراً إلى أنّ اكتشاف الصفر هو أول وصل ما بين الوجود والعدم والذي ظهر عند الخوارزمي قبل الفكر الغربي، الذي تحدّث به جان بول سارتر، بـ 800 عام .
وخلال حديثه عن القائد والرئيس، أكّد الرفيق دخل الله على أهمّية وجود قائد دولة، كالقائد الرئيس بشار الأسد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين وشارل ديغول وجمال عبد الناصر.. وغيرهم ممن يستطيعون اتخاذ قرارات تاريخية، أمّا الرئيس فهو يُسيّر قرارات، واعتبر أنّ القادة إشكاليون والدولة العميقة ترضخ لهم ولا يرضخون لها.
وأشار إلى أنّ جوهر الوطنية السورية هو العروبة – أي أن لدينا كسوريين انتماء سياسي للوطن، ولكن هويتنا هي العروبة، وبيّن أنّ الرفيق الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي السيد الرئيس بشار الأسد أوضح في أكثر من حديث بأن العروبة واقع موضوعي لأنها تقينا من التشرذم.. فالعروبة تدعم الوطنية السورية.