الانهيارات وأخطاء التنفيذ تعري غياب المراقبة وآليات التعاقد مع المقاولين
دمشق – فاتن شنان
فتحت قضية الانهيارات الحاصلة في مناطق مختلفة، كانهيار العبارة في وادي العيون أول أمس، وقبلها انهيار جزء من تحويلة طريق الحفة، وغيرها الكثير الباب واسعاً أمام سيل الأسئلة حول الجهات المسؤولة عن حدوثها، وضرورة إيجاد آلية محاسبة واضحة سواء كانت للشركة المسؤولة عن تنفيذ المشاريع أم صاحبة الدراسة المقدمة، والوقوف على الأسباب الحقيقية لتلافي تكرار هذه الحوادث المؤسفة..؟
وفي هذا السياق بين مدير التخطيط والتعاون الدولي في وزارة الأشغال العامة والإسكان الدكتور علي الشبلي أن الأسباب المؤدية إلى الانهيارات كثيرة، قد يكون أهمها الدراسة غير الوافية لماهية التربة، وعدم سبر أعماقها وبيان قدرتها على تحمل ثقل الأبنية المشيدة فوقها، إذ تتحمل الجهة صاحبة الدراسة المسؤولية كاملة في هذه الحالة، تليها مسؤولية الشركة المنفذة للمشروع وتحملها لأخطاء ناجمة عن التنفيذ، وفي هذه القضية لفت الشبلي إلى أن الإشكالية الأكبر تكمن في إتاحة الفرص لكافة الشركات الإنشائية والمقاولين بالتقدم إلى مناقصة مشروع ما، دون اعتماد مزايا أو معايير للشركات المستهدفة لتنفيذ المشروع المعلن عنه، لافتاً إلى أنه ضد المساواة بين شركات الإنشاء الكبرى والتي تمتلك آليات وتجهيزات ثقيلة ومجهزة بكافة التجهيزات اللازمة لإنجاز المشاريع المعروضة، مع متعهدين أو مقاولين لا يملكون تجهيزات كاملة تلزمهم لتنفيذ هذه المشاريع، كاشفاً عن وجود مقاولين حاصلين على عقود تنفيذ مشاريع يلجؤون إلى استئجار آليات ثقيلة لإكمال هذه المشاريع التي وقعوا عقودها؛ مما يؤدي إلى تأخر تسليمه، وبالرغم من وجود نظام لتصنيف المقاولين، إلا أنه يبدو أن هناك تجاوزاً واضحاً على أرض الواقع؛ إذ يعتمد على مقدار الأعمال المنجزة والمالية فقط، ليتم تصنيفهم وفق شرائح ترتقي إلى درجة الممتازة، وهنا شدد الشبلي على ضرورة وضع معايير أو مزايا تضاف إلى الشركات الإنشائية الكبرى والمتكاملة القادرة على التنفيذ بالسرعة والجودة المطلوبة، ولحظ تجهيزاتها الهندسية ومعداتها وعدد مهندسيها، بالإضافة إلى عامل مهم وهو عدد عمالها والذي يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار كونها توفر فرص عمل أكبر مقارنة مع الشركات الصغرى أو متعهدين يمتلكون ميزة أو اثنتين على الأكثر. وهنا تجدر الإشارة لوجود عشر درجات تفضيلية للشركات الإنشائية للقطاع العام، إلا أنها غير كافية بحسب رأيه لوجود نفقات مالية وعدد عمال أكبر، وتأمينات لهم مقارنة مع القطاع الخاص.
ولكننا بالمقابل لا يمكن التأكيد على جودة عمل الشركات الإنشائية بشكل عام، مع ظهور عقود باطنية محولة منها إلى متعهدين في القطاع الخاص وذلك بسبب حيازتها عدداً كبيراً من المشاريع غير المنفذة، مما أدى إلى ظهور خلل أو تأخر تنفيذها، مما يبرز ضرورة تنظيم وإحصاء عدد المشاريع الحاصلة عليها كل شركة، ومنعها من الحصول على المزيد من العقود، وبالتالي إتاحة الفرصة أمام شركات أخرى قادرة على تنفيذ مشاريع معلن عنها، في حين عزا مصدر آخر في الوزارة سبب ظهور هذه الانهيارات أو كثرة الأخطاء الناتجة عن تنفيذ المشروع لفساد لجنة الاستلام والتي توافق على استلامه دون التدقيق في مواصفاته.