دراساتصحيفة البعث

الجولان المحتل يعزل أمريكا

ترجمة: هيفاء علي
عن موقع بارز توداي 30/3/2019

في اجتماع مجلس الأمن الطارئ ليلة الأربعاء الماضي حول الجولان، كانت الولايات المتحدة معزولة تماماً، فيما بدا السفير السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري قامة وطنية بدفاعه عن حقوق سورية، ولاقت عباراته إطراءً كبيراً حين وجه كلامه لنظيره الأمريكي رودني هنتر بالقول: “هل الأمريكيون قادرون على منح إسرائيل ولاية كارولينا الشمالية أو الجنوبية؟”.

للمرة الأولى في التاريخ الحديث، تمّ فتح جبهة حقيقية بين الولايات المتحدة وإسرائيل من ناحية، وروسيا والصين من ناحية أخرى حول ملف استراتيجي بارز مسرحه الشرق الأوسط. ومنذ اعتراف الولايات المتحدة باحتلال إسرائيل للجولان، ثمّة سؤال يطرح نفسه بقوة لدى المراقبين: هل ستجرؤ إسرائيل على مهاجمة القوات السورية أو حتى القوات الروسية التي هي على خط الاتصال، أو الخط الذي يحدّد منطقة الفصل التي استعادها الجيش السوري، بعد تحرير درعا والقنيطرة من أيدي الإرهابيين في صيف 2018؟.
ليلة الأربعاء الماضي دعت الولايات المتحدة الأمريكية الاتحاد الروسي إلى استخدام نفوذه مع دمشق لإجبار القوات السورية على الانسحاب فوراً من منطقة الفصل”بالقرب من مرتفعات الجولان.
لكن المندوب الروسي الدائم في مجلس الأمن ردّ على هذا النداء الوقح قائلاً: “من غير المقبول أن تقوّض التدابير الأحادية الجانب الديناميكية الإيجابية الناشئة.. يجب على الولايات المتحدة أن تتخلى عن المراجعة العدوانية للقانون الدولي، مرتفعات الجولان جزء لا يتجزأ من سورية والقرارات الأحادية الجانب للولايات المتحدة محكوم عليها بالفشل، لن تعترف روسيا بالسيادة الإسرائيلية على الجولان”.
بأسف شديد، تبنّت الولايات المتحدة مرة أخرى إجراءً جديداً أحادي الجانب عند الإعلان عن انسحابها من خطة العمل المشتركة العالمية (GAPP)، والذي كان مجرد انتهاك لقرار الأمم المتحدة 2231، أضاف الدبلوماسي الروسي واضعاً مصير الجولان ومعاهدة الأسلحة المتوسطة في السياق الجيوسياسي نفسه.
إلى جانب الموقف الروسي الصارم، ظهر خطاب آخر مناهض لإسرائيل على لسان الدبلوماسية الصينية، حيث لفت السفير الصيني لدى الأمم المتحدة إلى أن قرارات الأمم المتحدة تعتبر الجولان “أرضاً تحتلها إسرائيل”. فالصين تعارض أي عمل أحادي الجانب لتغيير هذه الحقيقة، لأن الصين لا تريد أن ترى التوترات في المنطقة تتفاقم.
لا شك أن هذا الكلام رسم خط الحدود بين المعسكر الأمريكي- الإسرائيلي والمحور الصيني- الروسي بوضوح شديد في ملف يرى فيه المراقبون بشكل خاص إحدى أولويات المقاومة. وفي الوقت نفسه الذي كان يناقش فيه مجلس الأمن مسألة الجولان، شنّ العدو الإسرائيلي هجوماً صاروخياً جديداً على حلب التي يحضر فيها إلى جانب الجيش السوري والمقاومة، القوات الروسية، فهل ستقوم إسرائيل بعمل عسكري ضد الجيش السوري أو القوات الروسية في الجولان؟ أو بعبارة أخرى ، ما معنى “تهويد” الجولان بشكل ملموس؟.
في الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن، عارض 14 عضواً ضمّ إسرائيل للجولان باستثناء الولايات المتحدة، وهذا بالمفهوم العام فشل سياسي. أما على الجانب العسكري، من غير المرجح أن يكون الأمر خلاف ذلك، لأن الاحتلال لا يمكن أن يستمر إلى الأبد. وحالما تستعيد سورية قوتها وتحكم على الظروف المناسبة، ستكون قادرة على استعادة أراضيها، خاصة مع بروز التآزر الذي يتميّز أكثر فأكثر بين المحور الصيني الروسي من ناحية، ودول المقاومة من ناحية أخرى، لذلك سيكون الجولان كحافز لديناميكية الوحدة والتماسك بين محور المقاومة والصين من جهة، وروسيا من الجهة الأخرى.