السعودية تخسر حربها في اليمن
ترجمة: سمر سامي السمارة
عن موقع: ستراتيجيك كالتشر 29/3/201
آن الأوان للزعماء السعوديين والإماراتيين أن يتعلّموا من تاريخ اليمن الذي يمتد لألفي عام، حيث استنزف الغزاة دماءهم وخزائنهم. فقد هزم اليمنيون الرومان، والأتراك العثمانيين مرتين، وطردوا البريطانيين في عام 1967. كما حدث مع الولايات المتحدة في فيتنام قبل ما يزيد على 40 عاماً ، وكما حدث معها مؤخراً في أفغانستان.
مع دخول الحرب على اليمن عامها الخامس، دمّر التحالف بمساعدة الولايات المتحدة البنية التحتية في اليمن، وجزءاً من أراضيها الزراعية الأكثر خصوبة، وكانت النتيجة أسوأ أزمة إنسانية على كوكب الأرض.
لكن على الرغم من هذا الدمار، تحوّل اليمن إلى فيتنام بالنسبة للسعودية والإمارات العربية المتحدة اللتين تكبّدتا خسائر تصل إلى مليارات الدولارات وعدد لا يُحصى من الجنود والمرتزقة في البلد الذي أصبح مقبرة لهم. أملوا بأن تكون حرباً سريعة وحاسمة لكن ما حدث لم يكن بالحسبان، وأصبحت دول العالم تحثّ الدول الغربية على سحب دعمها على الفور.
قامت السعودية والإمارات العربية المتحدة بتسليح ودعم عدد كبير من الميليشيات والفصائل اليمنية التي ترتبط بتنظيم “القاعدة”، وقد حوّلت هذه السياسات اليمن إلى خليط من المجموعات المتناحرة، لأن الغرض السريّ من “التدخل” يهدف إلى الاستيلاء على الأماكن الإستراتيجية والموارد الطبيعية في اليمن. تشارك السعودية والإمارات العربية المتحدة في حرب استعمارية جديدة للاستيلاء على السلطة والموارد والأراضي، ويحاول البلدان اللذان يتنافسان بشكل متزايد مع بعضهما البعض تقسيم اليمن إلى مناطق نفوذ.
أنشأت الإمارات العربية المتحدة قواعد عسكرية في مختلف أنحاء جنوب اليمن لدعم الانفصاليين الذين يريدون أن يحوّلوا جنوب اليمن المستقل إلى “إمارة”، كما أنشأت قواعد في جزيرة سقطرى اليمنية التي كانت ذات يوم -موقع التراث العالمي لليونسكو- وجزيرة بريم.
وتسعى السعودية للحاق بحليفها وتطالب بمحافظة المهرة في شرق اليمن. هناك، تأمل الرياض في بناء خط أنابيب يسمح لها بتجاوز مضيق هرمز. ومع ذلك، كما هي الحال في أجزاء أخرى من اليمن، فالأهالي يقاتلون من أجل وقف الاستيلاء على أراضيهم. وقد احتج أهالي المهرة على بناء مدرسة تموّلها السعودية، كانت ستستخدم بلا شك الكتب المدرسية السعودية، والكتب المدرسية نفسها التي استخدمها تنظيم “داعش”، كما منعوا أيضاً بناء قاعدة عسكرية سعودية.
لدى كلٍّ من هاتين الدولتين الكثير لتتعلمانه من المغامرات الأمريكية المكلفة بعد أحداث 11 أيلول. فعلى الرغم من إرسال القوات المسلحة الأكثر قدرة في العالم وإنفاق عدة تريليونات من الدولارات، فشلت الولايات المتحدة في تحقيق أهدافها في العراق أو أفغانستان، البلد الذي يشبه اليمن في كثير من النواحي. في العراق، دمّر الغزو جزءاً كبيراً من ذلك البلد ومهّد الطريق لصعود “داعش” ، وفي كلا البلدين، ظهرت مجموعات جديدة متطرفة بسبب حدوث فراغ في السلطة التي تمّ إيجادها.
ستكون للحرب في اليمن نتائج مماثلة، وقد تمرّ سنوات قبل أن يعود اليمن دولة موحدة مع حكومة فعّالة مرة أخرى. وفي الواقع، من غير المرجح أن تشهد الإمارات والسعودية عائداً على استثماراتهما، حتى أن قراءة سريعة لتاريخ اليمن كانت ستخبرهم بذلك ، وكان يجب أن تثنيهم حروب أمريكا الفاشلة عن التورط في هذه الحرب.
ومن دون ضغوط دولية مستمرة على السعودية والإمارات العربية المتحدة، ستستمر الحرب في اليمن لسنوات قادمة، وتفرخ جماعات متشددة جديدة، والأهم من ذلك ستستمر الحرب في قتل وتشويه وتجويع وإفقار عشرات الآلاف من المدنيين اليمنيين!.