جمعية بحرية خاصة بدلاً من نقابة للبحارة وزارة النقل تراها بديلاً غير قادر على تنفيذ المهام والاتحاد العام لنقابات العمال يتحفظ على المطالبة
دمشق – محمد زكريا
أثار تحفظ الاتحاد العام لنقابات العمال على إحداث نقابة للبحارة السوريين حفيظة أكثر من 25 ألف بحار يعملون كضباط ومهندسين ومرشدين على ظهر السفن التجارية، بعد أن كانوا يمنون أنفسهم بوجود نقابة بحرية تضم بين جناحيها العاملين في النقل البحري سواء في القطاع الخاص أم العام، ويبين أحد القباطنة أن من اشتراطات اتفاقية العمل الدولية والمنظمة البحرية الدولية (IMO) هو وجود تنظيم نقابي لهؤلاء، موضحاً تفاصيل مهمة تفرضها اتفاقية العمل البحري لعام 2006 والتي تعرف بميثاق حقوق البحارة التي أقرها ممثلو الحكومات وأصحاب العمل، وتهدف بالدرجة الأولى إلى تحقيق العمل اللائق للبحارة وتأمين ظروف عمل مناسبة تتضمن الحد الأدنى للسن، وعقود التوظيف، وساعات العمل والراحة، ودفع الأجور، والإجازة السنوية مدفوعة الأجر، والعودة إلى الوطن عند انتهاء العقد، إضافة للرعاية الطبية على متن السفن، واستخدام خدمات التوظيف والتعيين الخاصة المرخصة، والسكن، والغذاء والتموين والصحة والسلامة المهنية والوقاية من الحوادث، إضافة إلى معالجة شكاوى البحارة، مؤكداً أن البحارة السوريين لا يتمتعون بهذه التفاصيل والميزات التي تضمنتها اتفاقية العمل البحري، وليس لديهم تنظيم نقابي لتنفيذ هذه القرارات، مشيراً إلى أن المرسوم التشريعي رقم 29 لعام 1986 أناط بالاتحاد العام لنقابات العمال مهمة الاهتمام بأمور ومصالح العمال السوريين العاملين خارج القطر.
خيار واحد
وأمام هذا التحفظ بات الخيار الوحيد أمام هؤلاء البحارة هو الحصول على ترخيص لجمعية تحفظ لهم حقوقهم وترعى مصالحهم، وتعمل على رفع سوية البحارة معنوياً ومادياً، وتتواصل مع الجهات الدولية البحرية بهدف متابعة ما يصدر عنها من بيانات وتعاميم يراد بها تحسين واقع النقل البحري، وفي هذا الخصوص أشار القبطان بهاء فاطمة إلى أنه وبعد أن ضاقت السبل في البحارة من إحداث نقابة تمثلهم كان لا بد من التفكير باتجاه إحداث جمعية بحرية خاصة تعنى بشؤون البحارة داخلياً وخارجياً، وكشف فاطمة لـ”البعث” أنه تم خلال الفترة الماضية تقديم مشروع إحداث جمعية بحرية خاصة إلى وزارة الشؤون والاجتماعية والعمل، إذ يعتبر المشروع ضماناً لحقوق جميع العاملين في قطاع النقل البحري من “بحارة – أصحاب سفن – أصحاب المهن البحرية وحتى الجهات الحكومية ذوات الشأن البحري”، ولفت إلى أن مشروع الجمعية البحرية حدد أهدافه المرتبطة في التعاون مع الأفراد والهيئات والمؤسسات العلمية البحرية بما في ذلك الاتحادات والمنظمات البحرية الأهلية العربية والدولية وحماية مصالح البحارة السوريين كافة وحماية حقوقهم والدفاع عنها وفق القوانين الوطنية والاتفاقات الدولية، إلى جانب رفد ما تقوم به الدولة في إدارة وتطوير المجتمع البحري لصالح الشأن العام، وتمثيل البحارة السوريين في المؤتمرات الدولية وأمام الجهات الأخرى، وإقامة مؤتمرات علمية وورش وندوات مهنية بحرية لتبادل الخبرات والنهوض بمستقبل الصناعة البحرية، إضافة إلى رفع شأن مهنة البحار بمختلف الاختصاصات، وإنشاء مكتبة علمية داخل الجمعية والاهتمام بالبحث العلمي الخاص بقطاع النقل البحري والتعريف الحقيقي لمهنة البحار، ورفع شأنها وتعميمها لكافة الجهات ذات الصلة، والإسهام في النشاطات التعليمية والعلمية والمهنية التي تساعد في تطوير المهنة والقيام بمشاريع استثمارية لدعم الجمعية مالياً ورفع سوية البحارة معنوياً ومهنياً، والحرص على القيام بأعمالهم وواجباتهم على أكمل وجه، وإبداء الرأي وتعميمه للمؤسسات ذات الصلة تجاه أية قرارات تتخذ بخصوص العمل البحري والبحارة، ومساعدة الأعضاء مالياً من خلال إحداث صندوق توفير وضمان صحي وإعانة وتقاعد، وتوفير فرص عمل للبحارة بمختلف الاختصاصات، وتعزيز مكانتهم الدولية.
عدم القدرة
معاون وزير النقل لشؤون النقل البحري عمار كمال الدين لم يقلل من أهمية وجود هذه الجمعية، لكن أشار بوضوح إلى عدم قدرة هذه الجمعية على مواكبة ما يمكن أن تقوم به النقابة في حال تم إحداثها لاسيما لجهة تعزيز مكانة البحارة السوريين ووضعهم على الخريطة البحرية الدولية، ودعم خططهم الرامية إلى تعزيز السلامة البحرية على السفن التي يعملون عليها، إضافة إلى تعزيز الاعتراف الدولي بشهادات الأهلية البحرية لكوادر وطواقم الدولة؛ ما سيؤدّي إلى التسويق الدولي لحملة تلك الشهادات، ويساهم في استمرار عملهم في السوق الدولية وعلى السفن التي تبحر في كل مناطق العالم، إضافة إلى توفير عائد اقتصادي كبير للدولة من خلال منح الشهادات التي تقدّر بعشرات الملايين من الدولارات، كما يفتح وجود النقابة آفاقاً جديدة في التدريب والتعليم البحري والتوسّع في عدد وأنواع مناهج الدورات والدراسات الأساسية البحرية مستقبلاً، وصولاً إلى تخريج أفواج من المهندسين والضباط البحريين، والسماح بإصدار شهادات الأهلية البحرية لجميع مستويات الطواقم البحرية.
رغبة لكن
رئيس نقابة عمال النقل البحري والجوي باللاذقية سمير حيدر أشار إلى أنه تم تقديم طلب من قبل البحارة إلى الاتحاد العام لنقابات العمال عن طريق فرع اللاذقية وطرطوس بإنشاء نقابة تهتم وترعى شؤون البحارة العاملين على ظهر السفن التجارية، وكان الرد بأن هنالك رغبة بذلك، لكن الاتحاد العام يرى أنه لا يمكن للنقابة التحقق والكشف على رب العمل أو على عمال البحارة خارج أراضي سورية، وذلك يقوض ما تطلبه آلية عمل النقابة “البحرية الخاصة “حسب اللوائح الخاصة باتحاد العام لنقابات العمال، مؤكداً أن الجمعية المراد إحداثها لا تحل محل النقابة ولاسيما أن النظام الداخلي للجمعيات الأهلية لا يمنع مثل هذه الإجراءات أن كانت خارج القطر أو داخلها.