الجولان- كوسوفو- القرم: حالة من النفاق والمعايير المزدوجة
ترجمة: البعث
عن موقع غلوبال ريسيرتش 31/3/2019
إن الإعلان الأخير لرئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان يلفت الانتباه مرة أخرى إلى المعايير المزدوجة التي تطبقها الإدارة الأمريكية تجاه قضايا السلامة الإقليمية، والحق في تقرير المصير، والقانون الدولي. ثلاث حالات توضح الازدواجية والمعايير المزدوجة للدول الغربية.
تشكّل مرتفعات الجولان جزءاً من أراضي الدولة السورية ذات السيادة. واستولت عليها إسرائيل، إلى جانب الضفة الغربية في فلسطين، وقطاع غزة في ختام حرب الأيام الستة بين إسرائيل ومصر وسورية والأردن في حزيران 1967. ومنذ ذلك الحين حافظت إسرائيل على احتلالها للضفة الغربية ومرتفعات الجولان.
وبحسب القانون الدولي الراسخ (اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949) لا يجوز للدول مواصلة احتلال الأراضي التي استولت عليها نتيجة للحرب. وفي 22 تشرين الثاني 1967، دعا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في القرار 242 بالإجماع إسرائيل إلى سحب قواتها من الأراضي المحتلة، لكن إسرائيل تجاهلت هذا القرار. وفي عام 1981، أصدرت إسرائيل قانون مرتفعات الجولان الذي زعمت فيه ضمّ مرتفعات الجولان السورية، وأعلن قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 497 المؤرخ في 17 كانون الثاني 1981 أن الضمّ المزعوم “لاغٍ وباطل ودون أي أثر قانوني”.
حالة كوسوفو مختلفة تماماً ولكنها تثير عدداً من النقاط ذات الصلة. بين آذار وحزيران 1999 قصفت الولايات المتحدة صربيا لإجبار الصرب على سحب قواتهم العسكرية من كوسوفو، جرى القصف دون موافقة مجلس الأمن، ولم يكن ضمن أحكام ميثاق الأمم المتحدة، وبالتالي كان انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي.
كان للولايات المتحدة اهتمام خاص بكوسوفو، بما في ذلك القدرة على إنشاء قاعدة عسكرية كبيرة هناك (Camp Bond Steel). وتعمل هذه القاعدة، في جملة أمور، كنقطة عبور رئيسية للهيروين الأفغاني الخاضع لسيطرة الولايات المتحدة وقوات التحالف في أفغانستان.
وشبه جزيرة القرم كانت مختلفة في الواقع أيضاً، ولكنها تحتوي أيضاً على العديد من النقاط ذات الصلة. كانت شبه جزيرة القرم جزءاً من الإمبراطورية الروسية منذ عام 1783. وفي 18 شباط 1954، أصدرت رئاسة مجلس السوفيات الأعلى لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية قراراً بنقل شبه جزيرة القرم إلى أوكرانيا.
وفي العقود التالية كانت هناك علاقة غير مستقرة بين القرم والحكومة الأوكرانية، تتمتّع القرم بوضع خاص كونها “جمهورية مستقلة ذاتياً”. ووصل هذا القلق إلى ذروته في شباط 2014 عندما تمّت الإطاحة بحكومة أوكرانيا المنتخبة على النحو الواجب والمعترف بها دولياً في انقلاب نظمته أمريكا وموّلته.
كانت الحكومة الأوكرانية الجديدة معادية لروسيا وفاشية بصراحة في توجهها. لم يكن أي من هذين الواقعين مقبولين لدى سكان القرم الذين، مثلهم مثل الألبان في كوسوفو، تتشارك أغلبية ساحقة منهم لغة واحدة وثقافة واحدة وإثنية واحدة وتتوافق كلها مع كل الأشياء الروسية. تمّ تنظيم الاستفتاء (على عكس كوسوفو) وكان هناك إقبال على التصويت بلغ 83.1٪، وصوت 95.5٪ لصالح إعادة التوحيد مع روسيا.
لا يوجد فرق في القانون الدولي بين ما فعلته كوسوفو بموافقة محكمة العدل الدولية وما فعله القرم. كان هذا الأخير أكثر ديمقراطية بكثير لأنه كان يتبع استفتاء ساحقاً أدى إلى دعم مغادرة أوكرانيا والانضمام إلى روسيا. ومع ذلك، كانت النتائج مختلفة للغاية، لقد تعرضت سمعة روسيا لتشويه لا ينتهي وتعرضت الدولة الروسية والعديد من القادة السياسيين ورجال الأعمال للعقوبات.
يمثّل تاريخ هذه الحلقات الثلاث (الجولان وكوسوفو والقرم) مثالاً على المعايير المزدوجة والنفاق الذي يميّز الجغرافيا السياسية الغربية، وتصريحات ترامب الأخيرة حول مرتفعات الجولان تعزّز هذه النقطة فقط.