لعلها تجنبا الهاوية..!
هناك مساعٍ حكومية –لا يمكن إنكارها – على المستويين الاقتصادي الإنتاجي، والخدمي المعيشي، لتمتين أواصر الأول والشد من أزره، وانعكاس ذلك بالضرورة على تحسين الثاني.
وتمخض عن هذه المساعي فتح ومعالجة عدد من الملفات المهمة، تصدرها “القروض المتعثرة، وإعادة النظر ببدلات استثمار وإيجارات عقارات القطاع العام المستثمرة من قبل القطاع الخاص، والعمل على برنامج إحلال المستوردات”، وغيرها من الملفات ذات الصلة بالشأن الإنتاجي ككل والتي كللت بلقاءات عدة جمعت رأس هرم السلطة التنفيذية وفريقه الحكومي المعني بالمستثمرين بشكل مباشر؛ لتذليل أية عقبات تعترض مشاريعهم الاستثمارية حتى بأدق تفاصيلها من جهة، وبإطلاق الحملة الوطنية لمكافحة التهريب من جهة ثانية، وهذه بالحقيقة نقطة تسجل للحكومة، وتدل على جديتها لجهة التعاطي الفعلي من العملية الإنتاجية وحمايتها…!
ولكن في المقابل لم تنعكس مثل هذه المساعي ونتائجها على تحسين الواقع المعيشي والخدمي، لا من قريب ولا من بعيد، لا بل على العكس يشهد الواقع الخدمي تدهوراً ملحوظاً، وقوام هذا التدهور تعثر انسياب حوامل الطاقة، وتذبذب سعر الصرف، وانعكاس ذلك على ارتفاع الأسعار..!
طبعاً هناك ظرف موضوعي ضاغط لا يمكن إنكاره، يتمثل بالعقوبات الاقتصادية وقسوتها على مفاصل الاقتصاد السوري الذي يحاول قدر المستطاع الخروج من عنق زجاجة هذه المرحلة، إلا أن ذلك لا يمنع ولا يبرر عدم وجود خطط بديلة استثنائية تمكن صاحب القرار من تقليل أثر هذه العقوبات على أقل تقدير..!
وإذا ما اعتبرنا أن هناك صعوبة بالغة لكسر حدة العقوبات أو الالتفاف عليها قد تصل لدرجة شبه الاستحالة، فنعتقد أن أمام الحكومة خيارات عدة، أولها الإسراع بإصدار قانون الضرائب وما يعول عليه لجهة مكافحة التهرب الضريبي.
ويتعلق ثاني الخيارات بما يمليه الاقتصاد كعلم أساسه المنطق واستثمار الواقع ومفرزاته، من توظيف أموال تجار الأزمة في المفاصل الإنتاجية الحقيقية، ونعتقد أن ثمة كتلة مالية ليست بالقليلة مكتنزة لدى قلة قليلة لاخبرة استثمارية لديها؛ ما يوجب وضع آلية تكتيكية خاصة بكيفية استمالتها بما يخدم الاقتصاد الوطني..!
أما ثالث الخيارات فيكمن بتعزيز مبدأ التوجه شرقاً الذي تم اعتماده منذ بدايات الأزمة، ولم تتحدد إلى الآن معالمه بشكل واضح وعملي.. فأين مخرجات تبادلنا التجاري مع النمور الآسيوية مثلاً..؟! وماذا تمخض عن علاقاتنا الاقتصادية مع إيران..؟ ولماذا لم نشهد استثمارات لدولة مثل الصين، مشهود لها بتسارع تطورها على جميع الصعد..؟!
فالاقتصاد السوري يعيش مرحلة حرجة، وبات على محك اتخاذ قرارات مصيرية واستثنائية، وإلا يخشى أن يكون القادم أسوأ..!
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com