كلام مالي جداً…

يحلو “للماليين” الحديث عن بحثهم الدؤوب عن المطارح الضريبية الجديدة لدعم خزينة الدولة، وتأمين المزيد من الموارد المالية، فيما المطارح الضريبية الضائعة والمضيعة قصداً أو سهواً يصح فيها قول الشاعر على ظهرها محمول”…!!”، ومشكلة “الماليين” أن بحثهم يظل لصيقاً بأصحاب “الجيوب المثقوبة” وقريباً منهم، بينما الكثير من المهن – وهي ليست قليلة – تظل بعيدة عن الأنظار رغم مداخيل البعض الهائلة التي يقنصونها  وهم يضحكون “في عبهم”؛ لأن المالية لا تراهم أو بالأصح لا تريد أن تراهم…!!؟ وينضوي تحت هذا العنوان على سبيل المثال لا الحصر مدرسو الساعات الخصوصية الذائعو الصيت الذين يتجاوز دخل أغلبهم العشرة ملايين ليرة كحد أدنى كل موسم دراسي دون أن يسدد أي منهم قرشاً واحداً لخزينة الدولة، بما في ذلك المعاهد التعليمية وغير التعليمية والمهن والحرف غير المرخصة… ليظل المطرح الضريبي الأكثر ضماناً وأماناً وسهولة وتغذية لخزينة الدولة جيوب رعاياها من الدخل المحدود الذين يسددون الضريبة من منبعها وقبل قبض المرتب، حتى إن ما يدفعه الكثير منهم يفوق ما يسدده طبيب أو مهندس أو محامٍ مشهور، أو ما يدفعه في كثير من الأحيان بعض كبار رجال المال والأعمال والموردين والشركات وتجار الجملة والذهب وأسواق الهال، ومستثمري ومتعهدي الحفلات والندوات والمعارض التسويقية التي تقام هنا وهناك بلا تراخيص، ولا ننسى بطبيعة الحال مهن الظل…!!! السؤال الذي يطرح نفسه ما مصير الإدارة الإلكترونية الذي أطلقته وزارة المالية قبل أكثر من عقد من الزمان ولا يزال على ما يبدو بعيد المنال رغم أن فيه الكثير من الحلول لمشكلات التحصيل والعدالة الضريبية، وأين هي المعالجات للمشكلات التي تحول دون إنجازه؟ هذا بحد ذاته سؤال يحتاج لإجابة واضحة شفافة…!؟ الأمر الآخر يتعلق بالضريبة على القيمة المضافة الذي يحتاج لتشريع يسنه ويقره، لكنه دخل هو الآخر دائرة النسيان بحجج كثيرة آخرها “الأزمة والحرب على سورية”، حيث فشلت الإدارات المالية والضريبية المتعاقبة  التي تناوبت عليه وروجت له وسعت إليه في جعله واقعاً، بل حالت هي قبل غيرها من الوصول إلى خواتيمه، لكن أين هي السلطة التشريعية من كل ذلك..!!؟

إن تقاذف إقرار قانون الضريبة على القيمة المضافة المعمول به في دول عربية تجاورنا من عام لعام يكرس لفساد وفوات منفعة، وتغييب للعدالة الضريبية وتحميل العبء الضريبي لشريحة دون أخرى ما يولد دافعاً قوياً لتهرب المكلفين بالتعاون مع بعض ضعاف النفوس يمارس بكل أسف على رؤوس الأشهاد ومع كل إشراقة صباح…؟!

وائل علي