لوحة مزيفة
عندما قابلتها للمرة الأولى كانت مختلفة لم تكن كغيرها من الوجوه التي اعتدت أن أراها في كل مكان كانت متألقة جميلة فواحة برائحة الطبيعة البكر ندية كأزهار الصباح، لم تدنسها تفاهة العصر. سألتها يوما لماذا لا تضعين الأقراط في أذنيك؟ لماذا تتركين شعرك المتمرد والمجعد دون قيود ودون أصبغة كما تفعل الكثيرات، فابتسمت بثقة وقالت: أنا هكذا أحب أن أكون على سجيتي لا يهمني رأي الآخرين بي، ولا أبحث عمن يحبني لشكلي أو لطريقة لباسي، بل أن يحبني كما أنا بعيوبي الكثيرة بطريقة تفكيري الجنونية التي قد يعتبرها الكثيرون بدائية، وبعد أكثر من عامين قابلتها مجدداً كانت مختلفة عما عهدتها لم تكن هي، إذ لم أعرفها في البداية أصبحت تقليدية كغيرها لا يميزها عن سواها سوى اسمها فقط بعد أن ضاعت معالم وجهها وتفاصيله الجميلة التي حل مكانها طلاء وأصبغه أخفت حتى أبسط التعابير.. لم تعد الابتسامة ابتسامة ولا الحزن حزناً، اختفى ذلك البريق في عينيها وغدت أشبه بلوحة مزيفة أو دمية ملونة بلا حياة، وزهرة ذابلة ضاع عبقها وضاعت هويتها وأصبحت مجرد رقم في دفتر الذاكرة، فاعتقدت مخطئة أنها أصبحت أجمل ربما لأنها لم تكن تعلم أن تلك التفاصيل البسيطة التي قد لا نعيرها اهتماماً هي من تجعل أحدنا أجمل.
جلال نديم صالح