“مقاربة في غير محلها”
من جديد نرى أن هناك حاجة ماسة وربما ملحة لتغيير نمط التفكير وآلية التعاطي مع العمل التنفيذي، خاصة بما يتعلق بالجانب الخدمي الذي يشكل الركيزة الأساس لعملية النهوض والتنمية في باقي المجالات والقطاعات في إطار مشروع إعادة الإعمار.
وقد نتفق بأن أحد أهم أسباب تعثر وتوقف المشاريع التي تتسم بالحيوية والاستراتيجية يعود لضعف وتواضع الإمكانات وقلة الكوادر البشرية، وهي حقيقة وأمر واقع، ولكن ثمة حلقة مفقودة أغلب الظن أنها ترتبط بالجانب الخططي والتباعد الذهني والمعرفي في جانبي التنظيم والإدارة، واختلاط الرؤى وعدم تطابقها مع الواقع، ناهيك عن الارتجالية والتفرد بالقرار وتهميش دور أهل الخبرة والاختصاص ليس على المستوى الخدمي وحسب بل على كافة المستويات، وهو ما أشرنا إليه سابقاً وحذرنا من مخاطر مفاعليه وانعكاسه سلباً على طبيعة العمل وعلى المشهد العام.
ومع التأكيد على أهمية ما أنجز من مشاريع في البنى التحتية والتي لم تكن ظاهرة وملموسة بالنسبة للمواطنيين، إلا أن المشكلة تكمن في حالة الرضا لدى البعض ومقاربتهم غير المنطقية مع باقي المحافظات، والتأكيد على أن حلب تتقدم بأشواط كثيرة في المجال الخدمي وبمستوى النظافة على وجه التحديد.
ونعتقد أن هذه المبالغة في التوصيف لم تكن في محلها ومكانها، ولا تستند إلى أي مؤشر أو معطى حقيقي وملموس، والأمثلة كثيرة في هذا المجال بالنظر إلى ما تعانيه بعض المناطق والأحياء المحررة في حلب من واقع خدمي متردٍ تتصدره أكوام القمامة والأنقاض، ورداءة الشوارع الرئيسية والفرعية، وانتشار الحفر والقوارض بكثافة. وبطبيعة الحال وعلى الرغم من محدودية الإمكانات والموارد لن ننظر إلى الجزء الفارغ من الكأس، حيث نجد أن خيارات العمل متاحة وممكنة، وهو ما وعد به رئيس مجلس المدينة بإحداث نقلة نوعية في الجانب الخدمي، والانتقال من السبات الشتوي إلى العمل الصيفي الجاد والحثيث لتحسين الواقع الخدمي، والبدء بتنفيذ مشاريع حيوية وتنموية؛ أولها وآخرها تحسين واقع النظافة وتنظيم الشوارع وتزفيتها، وصيانة وتأهيل المرافق والحدائق، وهو ما ننتظره في قادم الأيام لتنعم المدينة وأهلها بصيف هادئ خالٍ من المنغصات.
معن الغادري