أردوغان يستعد للانقلاب على نتائج الانتخابات المحلية
أغرق حزب أردوغان تركيا في متاهة الطعون في نتائج الانتخابات المحلية، التي أنهت 16 عاماً من هيمنته على بلديتي اسطنبول وأنقرة، في مسعى للانقلاب على تلك النتائج، إذ يعمل، منذ أن أظهرت النتائج الأولية فوز مرشّح المعارضة الرئيسية ببلدية اسطنبول، على تقويض ذلك الفوز بالتشكيك، وبإعلان فوز بن علي يلدريم مرشّح “العدالة والتنمية” لبلدية اسطنبول. وزعم أردوغان “أن من المستحيل على مرشّح المعارضة إعلان الفوز بالانتخابات البلدية في اسطنبول بفارق يتراوح من 13 إلى 14 ألف صوت في المدينة التي يبلغ عدد ناخبيها عشرة ملايين شخص”، وذلك بينما يسعى حزبه لإعادة فرز جميع الأصوات. ويؤكد زعيما حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو، والحزب الجيّد، مارال أكشانار، أن أردوغان يعمل على عرقلة المسار الديمقراطي في البلاد، ودعيا، خلال مؤتمر صحفي في أنقرة، الهيئة العليا للانتخابات إلى “الالتزام بالدستور والقوانين، وعدم اتخاذ أي موقف منحاز إلى جانب حزب العدالة والتنمية الحاكم”.
وقال كليتشدار أوغلو: “إن العملية الانتخابية منذ البداية تمّت تحت إشراف القضاء بكل مستوياته، وليس هناك أي مبرّرات أو حجج منطقية لإعادة عملية الفرز والعد في اسطنبول”، مشيراً إلى أن “المبرّرات التي تحدّث عنها أردوغان سخيفة وغبية، والقضاء يحتاج لأدلة قاطعة تثبت عملية التزوير، التي لم تكن موجودة أساساً، وخصوصاً أن الدولة، التي يحكمها أردوغان، هي التي أشرفت على العملية الانتخابية”.
بدورها قالت أكشانار: “إن أردوغان لم يعد يحترم الصناديق الانتخابية، لأنها خرجت بنتائج لم تعجبه في اسطنبول، وهو بهذا التصرّف يظهر بشكل أكثر ديكتاتورية”، مشيرة إلى أن “عليه أن يحترم إرادة الناخبين”.
وتلقى أردوغان صفعة قوية جراء خسارة حزبه “العدالة والتنمية” في الانتخابات المحلية في أكبر مدينتين تركيتين، هما اسطنبول وأنقرة، ومدن كبرى أخرى، وفق النتائج الأولية للانتخابات، ما يعكس توجّه الناخبين الأتراك لمعاقبة أردوغان وحزبه جراء سياساته الفاشلة داخلياً وخارجياً، وكان قد شن حملة نشطة، وصف فيها الانتخابات بأنها “مسألة حياة أو موت بالنسبة للبلاد”، حسب تعبيره.
وانخفضت قيمة الليرة نحو 1.58 بالمئة عن إغلاق يوم الجمعة البالغ 5.6220 بعد تصريحات أردوغان، عندما جدّد قوله: “إن حزبه يسعى إلى إعادة فرز كاملة للأصوات في اسطنبول”.
وفي العام الماضي، فقدت الليرة نحو 30 بالمئة من قيمتها أمام الدولار بفعل المخاوف بشأن استقلالية البنك المركزي وتدهور العلاقات مع واشنطن. وطعن العدالة والتنمية بالفعل في النتائج الأولية في جميع دوائر اسطنبول التسع والثلاثين، ما أدى إلى إعادة فرز جزئية أو كاملة في أنحاء كبرى المدن التركية.
وأعلن مرشّح حزب الشعب الجمهوري المعارض أكرم إمام أوغلو، وبن علي يلدريم، مرشّح حزب العدالة والتنمية، تقدّم إمام أوغلو في انتخابات رئاسة البلدية في اسطنبول بنحو 25 ألف صوت.
وقال إمام أوغلو: “إنه حزن لعدم تهنئة حزب العدالة والتنمية له بعد أن أظهر الفرز تقدّمه”، وتابع، في تصريحات من مطار أتاتورك في اسطنبول قبل سفره لأنقرة، “أتابع يلدريم بأسف. لقد كنت وزيراً في هذه الدولة ورئيساً للبرلمان ورئيساً للوزراء. ماذا يمكن أن يكون أنبل من التهنئة؟!”، وأضاف: “العالم يراقبنا بخزي الآن. نحن مستعدون لإدارة مدينة اسطنبول الكبيرة. هنئنا بشرف كي نقوم بعملنا”.
وقام إمام أوغلو في وقت لاحق بوضع إكليل من الزهور عند ضريح مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس تركيا الحديثة، في أنقرة.
وكان نائب المتحدّث باسم الخارجية الأميركية روبرت بالادينو طالب تركيا بالقبول بنتائج الانتخابات المحلية، وقال: “الانتخابات الحرّة والنزيهة أساسية لأي ديمقراطية، وهذا يعني القبول بنتائج الانتخابات الشرعية، ونحن لا نتوقّع أقل من ذلك من جانب تركيا، التي لديها تقليد في هذا المجال منذ فترة طويلة وتفخر به”.