إيجابيات المواقف السلبية!..
د. مهدي دخل الله
الضدُّ يظهر حسنه الضدّ..ليس مهماً من قال هذا، هل هو الشاعر ابن المبرد أم ذو الرمة أم دوقلة المنبجي؟، المهم أن القول اختصر ببلاغة مطلقة أهم قاعدة في منطق الأشياء، وهو أن الضد يعرف بالضد، فلولا السواد لما عُرف البياض، ولولا الشقاء لما اكتشفت السعادة.. وهكذا..
ما يهمني هنا هو إظهار الضدّ الحسن الذي كشف حسنه الضد السيىء!..
إعلان ترامب العدواني عن الجولان انعكس إيجابياً علينا في ستة اتجاهات على الأقل:
1- أيقظ مشاعرنا الوطنية، وعزز وحدتنا على المستوى الشعبي العام..
2- نبّه لدينا وعياً كاد أن يتراجع تحت ضغط مشاكلنا السياسية والاقتصادية الثقيلة المتعلقة بانعكاسات الحرب على واقعنا…
3- عزز عندنا ما أسماه السيد الرئيس مرة “بالقلق الإيجابي”، وهذا القلق من أهم دوافع الفعل الهادف..
4- حشد لنا تأييداً عالمياً منقطع النظير بما في ذلك الدول الأعضاء في حلف الناتو، والأمر المهم هنا أن الموقف العالمي كان قوياً وواضحاً، وهو ثاني موقف لحلفاء أمريكا يتعارض مع رأي واشنطن في السياسة الدولية بعد موقفهم الشهير إزاء اتفاق إيران (5+1)..
5- إن هذه المواقف الدولية، خاصة تلك الصادرة عن حلفاء أمريكا، هي الأولى من نوعها دعماً لسورية منذ عام 2011. فلقد اعتدنا من تلك الدول على التصريحات العدوانية المعادية..
6- أظهر إعلان ترامب للعالم كله الحماقة في المواقف الأمريكية حتى إن الكثيرين في العالم استخدموا هذا اللفظ بالذات (الحماقة)..
كل هذا منطقي.. وجيد. لكن الأهم هو أن يكون إعلان ترامب العدواني عن الجولان(مصطلح اعتراف غير مناسب) قد دفعنا إلى التفكير الجاد والتخطيط المحدد لتحرير الجولان بأقرب فرصة ممكنة وبالطرق المتاحة جميعها. فالقانون الدولي يضمن لنا ذلك، والمواقف الدولية الداعمة مهمة أيضاً… أما الأصل الذي ينبغي أن ننطلق منه هو أنه لا أحد يعطينا حقاً إن لم نأخذه بأيدينا..
علينا –في النهاية- ألا نعتمد على الدعم الدولي ولا التضامن العربي المرحوم، فتحرير جنوب لبنان والانتصار في حرب تموز تم دون توازن دولي ودون وجود للاتحاد السوفييتي وأصدقائنا في أوروبا الشرقية، كما أن دولاً عربيةً اتخذت موقفاً واضحاً ضدنا وضد المقاومة عندها…العامل الحاسم هو نحن ، ولا أحد غيرنا.
mahdidakhlala@gmail.com