معارك عنيفة في طرابلس.. وروسيا مستعدة للوساطة
في الوقت الذي احتدمت فيه المعارك في ضواحي طرابلس، وخاصة في محيط قصر بن غشير ووادي الربيع، تحدّث الجيش الوطني الليبي عن أدوار مشبوهة تمارسها القوات الأمريكية في العاصمة، بينما أجهضت روسيا صدور بيان رئاسي عن مجلس الأمن الدولي يدعو الجيش الليبي إلى وقف هجومه على طرابلس، لأنه لا يتحدّث عن بقية الأطراف.
فقد ارتفعت حصيلة قتلى القوات الموالية لحكومة الوفاق الليبية إلى 32 في الاشتباكات العنيفة الدائرة جنوبي العاصمة طرابلس، فيما استمرت الاشتباكات بين القوات التابعة لحكومة الوفاق والجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، حيث استخدم الطرفان الطائرات لشن غارات متبادلة، وأعلن الجيش الليبي أنّ الكتيبة 155 التابعة له استهدفت مواقع عسكرية عديدة لقوات حكومة الوفاق في محيط قصر بن غشير ووادي الربيع جنوب طرابلس، وحسب بيان للجيش الليبيّ تمّ تدمير مخازن ذخائر كانت القوات تعتمد عليها كخط إمداد أمامي.
وكان المتحدّث باسم قوات حكومة الوفاق محمد غنونو أعلن إطلاق عملية “بركان الغضب” لتطهير كل المدن من “المعتدين والخارجين عن الشرعية”، وفق تعبيره، فيما أكد الناطق باسم الجيش الوطني أن قواته ذهبت إلى طرابلس لحماية المدنيين من الإرهابيين، مشيراً إلى “وجود تحالفات بين القاعدة وعصابات أخرى” في معركة طرابلس.
وأمر حفتر قواته بالتحرّك صوب طرابلس، بعد إعلان الجيش الوطني الليبي سيطرته على منطقة مزدة التي تبعد نحو مئتي كيلومتر عن العاصمة طرابلس، وأكد الجيش الوطني تعرّضه لغارة على بعد 20 كيلومتراً من العاصمة بعد أن كان أعلن سيطرته على كامل مطار طرابلس القديم، وفي مؤتمر صحفي كشف الناطق باسم الجيش الوطني أحمد المسماري عن وجود 300 جندي أميركي في طرابلس “بأسلحة فتاكة وأدوار مشبوهة”.
وكانت قيادة القوات الأميركية في افريقيا “أفريكوم” أعلنت إجلاء قوات تابعة لها على نحو مؤقت من ليبيا نظراً للظروف الأمنية الراهنة، وأعلنت في بيان لها “مواصلة مراقبة الأوضاع على الأرض لتقييم جدوى تجديد الوجود الأميركي في ليبيا قدر الإمكان”، موضحة أنها “تنفذ تخطيطاً عسكرياً حكيماً بينما تواصل تقييم الموقف الأمني في البلاد”.
سياسياً، قال رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح: إن “الجيش ينفذ عملية طرابلس لحماية المدنيين والدستور، وتخليص العاصمة من الميليشيات، والإرهاب المسلح”، فيما منعت روسيا صدور بيان رئاسي عن مجلس الأمن الدولي يدعو الجيش الليبي إلى وقف هجومه على طرابلس، وفقاً لمصادر دبلوماسية.
الوفد الروسي في الأمم المتحدة طلب تعديل صيغة البيان بحيث يطلب من كل الأطراف الليبية المسلّحة وقف القتال، وليس فقط من قوات حفتر، وحسب المصادر فإن الولايات المتّحدة رفضت مقترح التعديل الروسي، فأجهضت موسكو صدور البيان، وذلك أنّ بيانات مجلس الأمن تصدر بالإجماع.
وفي موسكو، أكد المتحدّث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن روسيا تفعل ما بوسعها من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة في ليبيا، وقال: إن “روسيا تستخدم كل الإمكانات المتاحة لحث جميع الأطراف على التخلي عن أي أعمال يمكن أن تثير أعمالاً قتالية وتؤدّي إلى مقتل مدنيين”.
وكان نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف قد أعلن، في وقت سابق، أن روسيا على تواصل مع جميع الأطراف في ليبيا، كما أنها تتواصل مع الأمم المتحدة.
وقال بوغدانوف للصحفيين على هامش افتتاح مجلس الأعمال الروسي العربي في موسكو: إننا “نعمل مع الأمم المتحدة ومع المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا غسان سلامة، كما أننا نتواصل مع حكومة الوفاق وقائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر بشكل مستمر”، ودعا إلى ضرورة تعزيز المعركة ضد الإرهابيين الموجودين في ليبيا.
وتشهد ليبيا منذ عدوان حلف شمال الأطلسي “ناتو” عليها عام 2011 حالة من الفوضى والانفلات الأمني في ظل انتشار السلاح والتنظيمات الإرهابية التي تحاول فرض نفوذها وسيطرتها على مختلف المدن والمناطق، بينما يتنازع على السلطات حالياً طرفان أساسيان هما حكومة الوفاق والحكومة العاملة في شرق ليبيا التي يدعمها مجلس النواب في مدينة طبرق والجيش الليبي بقيادة حفتر.