ثقافةصحيفة البعث

صباح فخري أيقونة التراث الموسيقي الأصيل

 

الشام معروفة بأنوارها التي أضاءت للعالم، ولا نعرف من الشام سوى النور، وفي مكتبة الأسد الوطنية كانت أغاني صباح فخري تضيء مسيرة أسطورة تحكي حياته بالكامل من خلال حفل توقيع كتاب للباحثة د. شذا نصّار بعنوان “صباح فخري.. سيرة وتراث”.
وقال وزير الثقافة محمد الأحمد أن أهمية الفنان صباح فخري كواحد من أكبر مطربي الوطن العربي على مر العصور -ربما يشاركه أسماء كثيرة من المغرب وتونس ومصر ولبنان وسورية- تأتي لامتلاكه فلسفة خاصة فيما يتعلق بالغناء، رغم أن بعض النقاد عابه كونه التزم طوال هذه المسيرة المشرفة والطويلة بالتراث، ولكن عندما تتالت السنوات اتضح أن خياره كان صائباً ولولاه لكان هناك ضياع لقسم من هذا التراث العظيم الذي نفتخر به، فصباح فخري من المطربين القديمين القلائل ليس في سورية والوطن العربي بل في العالم بأثره، وكان بإمكانه أن يغني عبارة مكونة من ثلاث أو أربع كلمات يرددها على مدار ساعة أو ساعتين دون أن يشعر أحد بملل من ترداد هذه العبارة وفي هذا قوة كبيرة ليست للصوت بل للقدرة على التواصل مع مستمعيه والحاضرين، وربما يكون الوحيد في العالم الذي بإمكانه الغناء أكثر من ١٠ ساعات متتالية وبهذا الرقم القياسي لا يعطينا مثالاً على قدرة التحمل وقوة الصوت بل القدرة في التناغم، باختصار هذا صباح فخري وأهميته لا تنبع من صوته وتاريخه وحضوره فحسب بل من سمو الرسالة التي عاش لأجلها.

قلعة حلب الثانية
ويتطرق كتاب “صباح فخري.. سيرة وتراث” لحياة الفنان صباح فخري منذ طفولته المبكرة حتى شيخوخته المهيبة، وعنه تحدثت مؤلفته د.شذا نصار فقالت: يتضمن الكتاب دراسة عن التراث والبيئة المحيطة فيه، والمحطات التي مرّ بها، وكيف عمل كطفل رجل (الطفل الرجل) يثقف نفسه منذ سن الخامسة، وتابع بالغناء والإنشاد، بالإضافة إلى حوارات كثيرة جمعتني معه، وتطرقنا إلى كل شيء بحياته، فلسفته وإيمانه ونظريته بالحياة وتصوفه وثقافته وكيف ثقف نفسه بنفسه وحفظ قصائد عديدة عبر مخزونه اللغوي الكبير والثقافي العظيم.
وأضافت: قضيت أربع سنوات اجمع معلومات الكتاب لما يحمل من أهمية كبيرة للتراث والوطن ولسورية ولحلب بالذات، وأنا كامرأة حلبية يعتبر صباح فخري القلعة الثانية بالنسبة لي، ونحن بمجال التراث اللامادي صباح فخري مثله مثل زرياب والموصلي، فهو إنسان لن يتكرر إلا بمئات السنين، وشيء جميل أن نتواجد بعصر العمالقة خاصة أننا في فترة الهبوط الفني، والمهم هو تعريف الجيل الجديد بالتراث الرائع والموسيقى الجميلة والأصوات العظيمة مثل صباح فخري.

علامة مضيئة
وعن دور الفنان صباح فخري في إحياء التراث الموسيقي السوري قال الإعلامي رفيق نصر الله:
كتاب قيّم جداً وجاء في توقيت ممتاز، وبدون شك الفنان صباح فخري يحمل قيمة فنية كبيرة ليس على مستوى سورية فقط وإنما على مستوى العالم العربي كله، فهو إحدى العلامات المضيئة والمشرقة في التراث الفني العربي، لذلك جاء هذا الكتاب ليعطيه بعض الحق وهو بحاجة المزيد من الكتب لتروي سيرة هذا الفنان العظيم الذي حافظ على الإرث الفني والثقافي وقدم إبداعات كبيرة جداً، وبالتالي من المفترض تكريم هذا الرجل الذي يرتبط اسمه بمدينة حلب وسورية وبالخارطة الفنية الجميلة في عالمنا العربي، وفي هذه اللحظة التي نكرم بها صباح فخري تشكل رد على كل هذا المستوى المنحدر للفن العربي الآن أو ما تبقى منه، ولكن في النهاية عند لفظ اسم صباح فخري نقول سورية، حلب، الفن الأصيل، الموشح، وكل هذا التراث الجميل الذي سيبقى في ذاكرتنا.
وتحدث المايسترو أمين خياط عن معرفته بالأيقونة صباح فخري، أما المؤرخ د.أحمد المفتي فقال: الكتاب هو حكاية حمل دام أربع سنوات جاء بعدها المولود سفراً رائعاً رائقاً، هو حكاية الأديبة شذا نصار مع مطرب لم يعرف تاريخ الغناء العربي ملكاً تربع على عرش التراث غيره، ذلك هو صاحب الصوت القادر الذي يحملك من التحلي إلى التجلي فتصل أحاسيسك بمعالم إدراكك إلى معالم لا يترجمها بيان صوته السحر إذا الليل انتشى صادحاً ياخمرة الحب اسقنيها.

الأسطورة
وصرح ابن الفنان أنس صباح فخري بوجود كتاب آخر يحتوي كل ما غناه والده سيصدر قريباً حيث قال:
كنت أسعى إلى هذا المشروع من العام 2001، وأعمل على فكرة أكبر من ذلك وواحدة منها هو المعهد في حلب والخطوة الثانية الكتاب، وكتاب اليوم مهم لأنه يوثق حياة الأسطورة، ومرحلة كاملة بكل تفاصيلها، والشيء المهم أنه أخذ من مصادر حية سواء من صباح نفسه أو والدتي وأصدقائه والناس المقربين منه لذلك له أهمية كبيرة كوثيقة حفظ لقيمة سورية فنية كبيرة.

حافظ التراث
وصل صباح فخري إلى هذه المرحلة بفضل جهده وعلمه الذي بذله في حفظ التراث حيث قال ابنه طريف: حفظ صباح التراث لسورية ووصّل اسمها ورفع علمها في كل الأماكن التي زارها لذلك لا يوجد شك أن هذا الكتاب جاء كتتويج لمسيرته الطويلة التي امتدت لسبعين عاماً أو أكثر، والحقيقة أنه شعور عظيم ونتمنى أن يكون هناك جهود أخرى، فهذا الكتاب هو أول كتاب وليس بالتأكيد آخر كتاب، وكلها تعزز مكانة سورية وصمودها وفنها.
جمان بركات