عقد “الأسمدة” قد يصل مقدار التمويل فيه لعدة مليارات من الدولارات..أبو فخر لـ”البعث”: المعيار هو الوصول إلى الطاقات التصميمية..وهذه بيِّنتنا على صوابية توجهنا
كان حديثاً اتسم بالصراحة والشفافية، طرحنا خلاله عدداً من التساؤلات التي كان من الضروري طرحها حول العقد الذي وقع، ما بين الجانب السوري وزارة الصناعة ممثلة بالمؤسسة العامة للصناعات الكيميائية، والجانب الروسي شركة (إس- تي – جي) انجينيرينغ الروسية، وذلك لاستثمار معامل شركة الأسمدة في حمص، والذي أخذ طريقه للتنفيذ الفعلي بعد أن صدق من مجلس الشعب وصدر بقانون يحدد مسؤولية الطرفين الموقعين.
وللتذكير، فقد حدد العقد مدة الاستثمار بـ40 سنة تجدد برضى الطرفين، مع منح شركة الأسمدة حصة 35% مقابل 65% للشركة الروسية، علماً أن مؤسسة الصناعات الكيميائية تمتلك 3 معامل في حمص لتصنيع الأسمدة الزراعية، وهي: معمل السماد الفوسفاتي ومعمل الأمونيا يوريا ومعمل السماد الآزوتي.
حديثنا مع الدكتور أسامة أبو فخر مدير عام مؤسسة الصناعات الكيميائية، وكما وصفناه آنفاً، تناولنا فيه بداية إمكانية تنفيذ ما اتفق عليه بالمبلغ المعلن عنه وهو 200 مليون دولار..؟! أكد أن الرقم المذكور يمكن أن يصل إلى مليار دولار، وهذا الأمر ملاحظ في العقد الموقع من الجانب الروسي، وهنا نود الكشف عن أن المليار قد يتضاعف ليصل إلى عدة مليارات، بحسب ما صرح لنا مصدر وزاري، وتضاعف المبلغ سيكون نتيجة لطبيعة ومتطلبات الأعمال التي تحتاجها هذه الصناعة وتطويرها، والوصول بها للطاقات التصميمية وأفضل من السابق.
أيهما أفضل..؟!
وحول حسابات النسب المعلن عنها بين الجانبين، وعدالتها استناداً إلى أن المادة الأولية اللازمة لهذه الصناعة وهي الغاز، مادة وطنية وليست مستوردة، أوضح أبو فخر قائلاً: على سبيل المثال العام الماضي 2018 وبجهد كبير أنتجنا 42 ألف طن سماد سوبر فوسفاتي، بينما الطاقة التصميمية الوطنية التي كانت سابقاً لا تقل عن 450 ألف طن، ودور الروس هو إعادة الوصول لتلك الطاقة التصميمية وبما لا يقل عن 470 ألف طن، أي بزيادة 20 ألف طن عما كانت عليه الطاقة التصميمية السابقة، مؤكداً أنه وبموجب العقد والاتفاقية يجب أن يصل الروس لتلك الطاقة خلال عامين فقط، وعليه ستكون حصتنا نحو 180 ألف طن (وبتكاليف زهيدة) من أصل الـ 470 ألف طن التي سيصلون إليها، إضافة إلى تحملهم كل التكاليف الثابتة، أي سنحصل على 180 ألف طن، بعد أن كان إجمال إنتاجنا لا يتجاوز الـ42 طناً سنوياً فقط، هذا من جهة.
تدرُّ ذهباً
أما من جهة أخرى، فنحن سنُدخِّل صناعات جديدة، ومنها صناعة كربونات الصوديوم وسماد الميتانول (وحدة الميتانول) وهذه صناعة ومنتجات تدر ذهباً حسب تعبير أبو فخر، وهي تحتاج لتكنولوجيا متطورة وآلات حديثة التقنيات، ليس بمقدور الشركة والمؤسسة تأمينها، لافتاً إلى أنه لو كان بإمكانهم تمويل إعادة تأهيل المعمل بنحو مليار دولار، لما كان هناك داعٍ لهذا الاتفاق.
كما بين، أنه وفي العام الماضي تم إنتاج 45 ألف طن يوريا فقط، بينما الطاقة التصميمية التي سنصل إليها هي 330 ألف طن، ويمكن ببساطة، وبواسطة تجهيزات محددة كلفتها 50 مليون دولار، أن نصل إلى 400 ألف طن، ما يعني 10 أضعاف، وهذا الإنتاج لم يكن بالمستطاع أبداً تحقيقه سابقاً، وعليه لا يهمنا المبلغ الذي حددوه وهو الـ200 مليون دولار، فهذا يرجع لهم، إنما المهم أن يصلوا ويعيدوا الشركة لطاقاتها التصميمية، وهذه هي بوصلتنا الرئيسة.
لا تتحمل..
أبو فخر لفت إلى أنه ونتيجة للخسارة التي كانت تتكبدها الشركة حتى قبل الأزمة، رغم أن سعر المتر المكعب من الغاز كان بليرة سورية واحدة، متسائلاً: كيف ستكون الخسارة وقد وصل سعره الآن لأكثر من 95 ليرة، وعليه فالمعيار الأهم بالنسبة لهم هو الطاقة التصميمية التي سيتم الوصول إليها وخلال سنتين كحد أقصى، منوهاً إلى أن هناك مادة واضحة وصريحة يتضمنها العقد، وهي أن شركة الأسمدة لا تتحمل أية خسارة وهذا أولاً، وثانياً لا تتحمل تمويلاً، وثالثاً والأهم أنه وخلال عامين إن لم يصل الجانب الروسي للطاقة التصميمية، فيحق للشركة فسخ العقد والمطالبة بالعطل والضرر والتعويضات.
خسارة 6.5 مليارات
وفي سياق تأييده للعقد الذي وصفة بالممتاز استناداً لواقع ووضع أصول شركة الأسمدة المستهلكة بالكامل، أكد أن هذه الأصول وبالحالة التي هي عليها، تسبب خسائر كبيرة جداً، إضافة لموضوع الأثر البيئي وتكاليفه الكبيرة، مشيراً إلى أنه في السنة الماضية ونتيجة للتشغيل الضعيف بحكم واقع التجهيزات والمعدات المستهلكة، وعدم استغلال الطاقات المتاحة والارتفاع الكبير لتكاليف الإنتاج، كانت الخسائر نحو 6.5 مليارات ليرة في شركة واحدة (أي الأسمدة) وهذا رقم فلكي، وغير مقبول مطلقاً، متسائلاً: هل يُعقل في الوقت الذي كانت ولا تزال كل شركات مؤسسة الصناعة الكيمائية مستمرة في تحقق الأرباح، تأتي شركة الأسمدة لتمحو كل تلك الأرباح، هذا أمر غير صحي ولا صحيح أبداً..!؟
تخفيض التكاليف
ولفت أبو فخر إلى أن استثمارات الجانب الروسي بسورية في قطاع الاستخراج تعود لنحو 20 عاماً؛ لذلك هم من سيؤمن الغاز من أحد الآبار التي يستثمرون بها، وهذا أمر هام جداً؛ لأنه في هذه الحالة ستنخفض تكاليف الإنتاج في الشركة كثيراً، وبالتالي تصبح نقطة التعادل مرتفعة، التي ولتحقيقها عليهم الشغل لنحو 240 يوماً للوصول إلى تلك النقطة، أي لا رابح ولا خاسر، موضحاً أنه وفي أي صناعة ثقيلة في العالم، القيمة المضافة لمثل هكذا صناعة تصل لنحو 40%. واستناداً لذلك لا يمكن الاستمرار بالخسارة، وعليه كان لا بد من وضع حد لهذا الموضوع، وهذا ما فعلناه، مراهناً على أن الأيام القادمة ستظهر كيف كنَّا وكيف سنكون وإلى أين سنصل، خاصة وأن هناك مادة صريحة أيضاً تقول: إن تقاسم الأرباح يبدأ من اللحظة الأولى لظهورها ومن تاريخ أمر المباشرة، وبحد أقصى سنتين، وعليه لا يمكن أن تظل تلك الموارد المتوفرة تستنزف بالشكل السابق، وأمامنا الحل المناسب لإيقاف الاستنزاف وتحقيق الأرباح وتأمين المنتجات التي نحتاجها..؟!
مخطئ من..!
أكد أن هكذا شركة وصناعة وطنية، لا يمكن أن يتوقفا، كون هذه مخرجات هذا القطاع الهام، تؤمن حاجة السوق المحلية من المنتجات الأساسية للعديد من الصناعات السورية، كحمض الكبريت والذي بدونه لا كهرباء، وكذلك حمض الآزوت وحمض الفوسفور، كما يتم تأمين الأمونيا السائلة والعادية، وهذه المادة تحتاجها كل شركات الألمنيوم والتبريد وغيرها، لافتاً إلى أن العقوبات الاقتصادية وحالة الحصار وتبعاتهما في عدم قدرتنا على تصدير الفوسفات وغيره، أدت لمثل هذا الاتفاق، حيث سيمكننا من التصدير للسوق الروسية التي تحتاج لمثل هذه منتجات؛ ما يعني أن هناك أسواق تصريف مؤمنة سلفاً، وهذا بحد ذاته ميزة مطلقة، في مثل هكذا وضع من الحصار والمقاطعة الظالمة المفروضة على سورية، خاتماً كلامه بالقول: مخطئ جداً من يعتقد أن التفاوض والتوصل للاتفاق والتوقيع على العقد من الأصدقاء الروس كان سهلاً، بل كان ندياً وعلى قاعدة المصالح المتبادلة لكل الجانبين.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com