حفنة تراب!
عندما نمسك بحفنة تراب من أرضنا المعطاء نشعر بالحياة النابضة بالتضحيات والبطولات، وتختلج في أعماقنا تلك الذاكرة التاريخية المشرّفة التي تروي كل ذرة تراب فصلاً من فصول عظمتها، وتقدم للعالم قصة ارتباط الإنسان السوري بأرضه، وبحضارة تمتد لأكثر من سبعة آلاف عام، واليوم يتكرر التاريخ ليثبت من خلال ملحمة وطنية قلّ مثيلها بأن الجذور التي ارتوت بدماء الشهداء تزداد تجذراً وصموداً في أرضها رغم شراسة وهمجية الحرب الإرهابية عليها.
ليس غريباً أن تستحضرنا في الذكرى الثالثة والسبعين لعيد الجلاء بطولات الجيش العربي السوري المعمّدة بالتضحيات الجسام التي لم تتوقف عبر التاريخ، فاستمر النضال عبر ثورات قادها رجال أوفياء لبلدهم وشعبهم، وعمت مختلف المدن والمناطق السورية من شمالها إلى جنوبها مكرّسة وحدة الدم السوري والأرض السورية في مواجهة الاستعمار ومخططاته التقسيمية البغيضة، وتأتي الانتصارات التي تحققت على الإرهاب على امتداد الجغرافيا السورية لتبيّن تجدد تلك الروح النضالية التي خاض بها رجال الجيش العربي السوري معارك الشرف والسيادة، ولتجسد انتصاراتهم وبطولاتهم إصرار الشعب السوري على رفض الذل والخنوع، وتمسكه بخيار الدفاع عن الوطن، ودحر مؤامرات الأعداء ومخططاتهم الاستعمارية مهما تبدلت أشكالهم، وتغيرت أدواتهم، وتلونت شعاراتهم، ولتثبت أن طريق الاستقلال والسيادة والخلاص من الإرهاب لابد أن يعبّد بدماء الشهداء، فمدرسة الجلاء رسّخت أساسات متينة للوحدة الوطنية مازالت باقية كقاعدة حاضنة وجامعة للشعب السوري الذي يواصل مع جيشه الباسل مواجهة المؤامرات التي يتعرّض لها وطنه بعزم لا يلين، وإرادة لا تقهر، وتضحيات عظيمة، لتمضي سورية بكل ثقة وثبات نحو نصر مؤزر على المستعمرين الجدد وأدواتهم الإرهابية، ولتحمي استقلالها وقرارها الوطني المستقل، لتعود كما كانت منارة للحضارة والتطور.
لا شك أن ملحمة الجلاء بكل معانيها ودلالتها، وأسطورة الصمود والبطولة والانتصار التي سطّرها أبطال الجيش العربي السوري، تثبتان أن هذه الأرض لا تنجب إلا الأبطال الذين سيبقون راية النصر مرفوعة مغروسة في صدور كل من يتجرأ على تدنيس هذه الأرض الطاهرة التي يحميها أبناؤها، ويسيّجوها بدمائهم، ويخطون طريق النصر، وما يدعو للتفاؤل، بل ما يبشر بأن ليس هناك من قوة على وجه الأرض يمكن أن تنال من عزيمة الشعب السوري، أو تثنيه عن تحقيق نصره المؤزر، ورغم كل التحديات والمعاناة نجد الشارع السوري يحتفل بالجلاء الذي تتجدد معه في هذه الأيام الملحمة الوطنية الفريدة من نوعها بثالوثها المقدس: الشعب الصامد الوفي، والجيش العربي السوري الباسل، والمقاوم والقائد الحكيم المنتصر السيد الرئيس بشار الأسد الذي كشف بشجاعته ومواجهته البطولية لقوى الشر والإرهاب الوجه الحقيقي للمؤامرة التي يتدحرج داعموها وإرهابيوها في ميادين الخزي والعار والانكسار والهزيمة أمام الحقيقة السورية التي عمّدتها دماء الآلاف من الشهداء الذين كانوا أوفياء لبلدهم، ولتاريخ أجدادهم، وحضارتهم الممتدة لسبعة آلاف عام.
بشير فرزان