نساء وأطفال “داعش”.. لا يريدهم أحد!
ترجمة: البعث
عن موقع الـ بي بي سي 12/4/2019
تحوّل مخيم الهول إلى وعاء مليء بالغضب والأسئلة. في الداخل نساء “داعش” وأطفالهن الضائعون، هجرهم رجالهم ليبقوا كابوساً على حكومات بلادهم التي أتوا منها للجهاد في سورية، يتشبّث البعض بفكرهم الذي تغذيه الكراهية، ويتوسّل آخرون مخرجاً أو طريقاً إلى بلادهم، في المقابل تصرخ الحكومات الغربية أن أطفالهم يموتون.
أم أسما، امرأة مغربية بلجيكية، تتشبّث بالخيال وتقول إنها ساعدت نساء وأطفال “داعش”، وتؤكد الممرضة السابقة: “لم أستطع ارتداء النقاب في بلجيكا- هذا خياري”. لقد تحوّل الهول إلى كابوس، وهو مخيم نما من 11000 شخص إلى أكثر من 70000، إنه منتفخ مع آثار الظلام “للخلافة” الزائفة المنهارة. تقول أم أسما إنها لا تحتاج إلى الاعتذار عن هجوم “داعش” 2016 في بروكسل والذي قُتل فيه 32 شخصاً، بمن فيهم المفجرون. وعن زوجها قالت: “لن أتحدث عما فعله زوجي، ولا أعرف ما فعله”.
لم يكن إرهابيو “داعش” مجرد مقاتلين في ساحة المعركة، فهم أحضروا معهم نساءهم وأطفالهم كخط دفاع أخير. الفتاة نور ضحية لكارثتهم، لقد أصيبت الطفلة البالغة من العمر ست سنوات في وجهها، ومنذ ذلك الحين لم تحصل إلا على أقل رعاية طبية. خدودها منتفخة وتحطّمت أسنانها، ويبدو أن الألم شيء اعتادته، لأنها تصرخ فقط عندما تتحرك. والدة نور، من تركمانستان، هي الأخرى مريضة جداً ولا تستطيع الوقوف بعد أن قُتل زوجها.
لقد توفي نحو 169 طفلاً منذ فرارهم من الباغوز، أطفال لم يرتكبوا أي خطأ، وهم يتعرضون للمرض، وهناك خطر أكبر من تجاهل الحكومات الغربية على ما يبدو، إنهم ما زالوا في رعاية الآباء المتطرفين، ولا تتمّ مواجهة خبثهم أو إعادة تعليمهم، بل يتمّ تركهم لمصيرهم القاتم.
تمّ إحضار الهاربين من “داعش” في شاحنات الماشية المفتوحة، عبر الصحراء إلى قرية الهول بجانب المخيم، وهو المكان الذي باعت فيه “داعش” النساء الأيزيديات كعبيد. يقع المخيم على حافة القرية: دولة صغيرة، وخلافة نازحة، وخطر متزايد أصبح الآن أكبر من القرية نفسها.
أعادت بعض الحكومات مقاتليها مثل السعودية والمغرب، واستعادت الولايات المتحدة امرأة واحدة. أما المملكة المتحدة فليس لدى الحكومة أي خطة لإعادة المقاتلين أو أسرهم. الهول هو المخيم الذي احتُجزت فيه شيماء بيغوم، المراهقة من لندن، التي جُرّدت من جنسيتها البريطانية، بينما استعادت فرنسا حفنة من الأيتام الذين مات آباؤهم وهم يقاتلون من أجل “داعش”.
في مقر هذه الخلافة النازحة، يتمّ احتجاز النساء الأجنبيات في المخيم بشكل منفصل تحت الحراسة المسلحة. هنا الأيديولوجية في أكثرها سمّية، هم من كل مكان: البرازيل وألمانيا وفرنسا والمغرب والصومال..، والقائمة تطول.
المرأة الأجنبية حذرة من التحدث في الداخل. إنهن يخشين التعرض للهجوم من قبل النساء الأكثر راديكالية في المخيم إذا شوهدن يتحدثن إلى رجل، أو إذا قمن بإزالة حجابهن. تقول الألمانية ليونورا ميسينغ، البالغة من العمر 19 عاماً: “النساء التونسيات والروس هن الأسوأ”. انضمت ميسينغ إلى “داعش” في سن 15 عاماً، أي بعد شهر من هروب شيماء بيغوم البالغة من العمر 15 عاماً، مع أصدقائها من بريطانيا إلى سورية. أصبحت ميسينغ الزوجة الثالثة لمتطرف ألماني محتجز الآن لدى قوات “قسد”.
المرأة الألمانية مليئة بالأسف، تواصلت مع والدها قبل نصف عام في إيزيس وسألت إذا كان يمكنه مساعدتها في إرسال مهرّب لإخراجها. وبالفعل أرسلوا مهرباً لكن الأمن في إيزيس قتلوه، وعندما تمّ كشف أمرها تمّ حبسها للمرة الأولى في سجن بالرقة، ثم للمرة الثانية في قرية الشفا، كما أوضحت. بين ذراعيها طفل يبلغ من العمر شهرين، وهو طفلها الثاني المولود في الباغوز. لقد ولدت بمفردها، لم يكن هناك أطباء، ولا ممرضات، كما تقول، لقد أرسلت زوجها المتطرف إلى الجهاد، وهي لا تزال تحبه وتقول إنها ستنتظره إذا أُعيد إلى ألمانيا لقضاء عقوبة السجن.
وبينما تحوم غيوم المطر، تسير شابتان عبر الأرض الموحلة، ومن خلال حجابهما يمكن رؤية ما يشبه عيون الفتيات المراهقات. يسألن “أين أزواجنا؟ متى سيتمّ إطلاق سراحهم؟” قد تكون لديهم إجاباتهم في الأيام المقبلة، لكنها لن تحلّ السؤال الدائم الذي يطرحه الهول على الغرب: ما مقدار الرحمة التي يجب أن تظهر للعدو الذي لم يقدم شيئاً؟!.