رواتبُنا.. بين المطرقة والسّندان!
في زحمة نقاشات البحث عن مفازات وسبل تحسين الواقع المعيشي للمواطن، وبالنّظر لحجم الفجوة السّحيق بين الرّواتب والأجور من جهة؛ وبين تكاليف المعيشة وسُعار الأسعار التي أنهكت ذوي الدّخل المحدود من جهة أخرى؛ فضلاً عن أنّ المهن الحرّة جميعها؛ واكبت سعر الصّرف بأجورها، بينما رواتب ذوي الدّخل المحدود بقيت في العراء، ولم تعُد أية زيادة قادرة على ردم تلكم الفجوة..!.
وإذ لم يعُد خافياً على ذي بصيرة أنَّ ارتفاع تكاليف المعيشة وأعبائها، في ظلّ سعير الأسعار وسُعارها، أمسى هاجساً يقضّ مضاجع السّوريين بشتّى شرائحهم، ولاسيّما منهم ذوي الدّخل المحدود، الذين أبوا الرّكون إلى تصريحات بعض مسؤولينا الاقتصاديين في محاولة وأد تطلّعاتهم إلى زيادةٍ تسدّ عوزهم المتفاقم، وتُحسّن من مستوى معيشتهم..!.
فإنّ لسان حال المعوزين يقول: على الحكومة أن تتدبّر أمرها وعلى وزارة المالية أن تمتاح ماء الزّيادة من آبار التهرّب الضّريبي والجمركي، الكفيلة بسدّ الرّمق المنشود وتحقيق المؤونة المالية اللازمة لهذه الزّيادة. في حين تزداد إشارات الاستفهام يوماً بعد يوم؛ حول الأشواط التي قطعتها وزارة ماليتنا في معالجة هذا الملف بالغ السّخونة والأهمية!؟ وما تكشّف من جبل الجليد يفضي بأن مقاربة الوزارة لهذا الملف ومنازلتها لأشباحه؛ لم تتجاوز مضمار التّنظير، والبطولات الدّونكيشوتية في النّدوات وورشات العمل..!؟.
فبعد أن استعادت الدولة سلطتها على معظم الجغرافيا السّورية؛ بات لزاماً عليها التوجه بقوة نحو حسم خياراتها المؤجلة، ولا سيما المتعلقة منها بهويّة الدّولة الاقتصادية، ما يعني ضرورة التّوجه نحو تنفيذ حزمة إجراءات إصلاحيّة صادمة وقويّة، تبدأ بمكافحة الفساد، وألف باء مقاربة هذا الملف يجب أن تكون تحصين العاملين برواتب وأجور عادلة؛ تمكيناً للنّزاهة والشّفافية..!، فضلاً عن أنّ أية زيادة حقيقية في الأجور تصبّ في مصلحة المنتجين والمستهلكين بآن معاً، وتشكّل إسهاماً نوعيّاً في تنشيط السّوق وتحريك عجلة الاقتصاد، وتحفيز النّمو ورفع مستوى التّشغيل، ما يُرتّب على صنّاع قرارنا الاقتصادي التّحلّي بالواقعية، ومقاربة هذا المطلب الحيوي بفائق الجديّة، لأنّ قدرة الناس على التّحمّل، وصبرُ الأفواه عن اللّقمة قد نفدا..!؟.
والحال أنّه لم يعد مقبولاً التلطّي خلف ستائر التّضخّم، ووهم تداعياته، بعدما باتت عقابيله وارتداداته من الماضي، وأضنتنا تفاصيله وجزئياته، بقدر ما أضحى التّظلّل بالأجوبة الجاهزة المغلّفة بسيلوفان: مخاطر التّمويل بالعجز، أوالتّسويف بالتّعويل على دوران عجلة الإنتاج؛ هروباً مكشوفاً إلى الأمام؛ لن يخفي حقيقة أنّ محدودي الدّخل باتوا بين مطرقة الحاجة وبين سندان العوز، ولا محيص من التفاتةٍ حكيمة عاقلة قوامها: إصلاح الرّواتب والأجور..!.
أيمن علي
Aymanali66@Hotmail.com