“بنـــت الكحيلــــة” طابــع وطنــي بنكهـــة شــعبية
العنوان الأخير في “بنت الكحيلة” يعبر خير تعبير عن محتوى المولود الجديد، ففي صفحة الديوان الأخيرة عنوان(أغنية سورية) وفيها يؤكد الشاعر ماهو مؤكد لدى أبناء الوطن عامة وجبل العرب خاصة، وهي وحدة الأمة العربية وهويتها القومية ورسالتها الخالدة وأمجادها الحضارية المشعة فكرا وعلما وكرامة، حيث أبدع الشاعر “باسم عمرو” في تلك القصيدة التي أكد فيها التآخي التاريخي بين الجامع والكنيسة كما البطين والأذين في القلب، في وحدة روحية غاية في الصلابة والتماسك من الأزل إلى الأبد إذ يقول:
سمعت الجامع دق جراس
وكنيسي تقيم الأذان
خلقنا لعيونك حراس
يا أم الدنيا ياشام
هذه واحدة من عشرات القصائد المشابهة التي قدمها الشاعر في ديوانه الجديد”بنت الكحيلة” والتي استندت على الفكر المقاوم في محتواها وبعدها الوطني وجاءت بنكهة الشعر الشعبي ولاقت استحسان الجمهور وتفاعله مع صاحبها خلال حفل توقيع الديوان، عبر مجموعة قصائد ألقاها بحضور فعاليات رسمية وثقافية وأدبية وأهلية. ويضم الديوان الصادر عن دار سين للثقافة والنشر والإعلام نحو 150 قصيدة من الشعر الشعبي النبطي ذات طابع وطني واجتماعي تقع في 156 صفحة من القطع المتوسط، يقول الشاعر عمرو أنه قدم فيه روح المقاومة التي تمثلت بنضال وتضحيات الشعب العربي السوري وصموده معربا عن أمله أن يكون محتواه رسالة قوية بلسان وضمائر ذوي شهداء سورية الذين رووا تراب الوطن دفاعا عنه.
وإن كان الشاعر تحدث بلغة “الأنا” في بعض أبياته إلا أنها كانت عند عمرو هي أبناء الوطن على امتداد كامل الجغرافية السورية حيث يقول:
أنا عاشق أسطوري نور عيونك نوري
لا تسأل عن طائفتي أنا طائفتي سوري
يقول د. صابر فلحوط الذي قدم”بنت الكحيلة” أن الشاعر لم يترك بابا من أبواب الشعر المعروفة إلا وصلى في محرابه وربط فرسه أمام بابه بدءا بالبطولة والغزل والاجتماعيات والوصف وغيره، فكان الديوان بستان حان قطافه وشرع بواباته للضيوف، ويشير فلحوط إلى اجتهاد الشاعر عمرو في اقتحام أهوال هذا اللون من الشعر رغم الجدل الكبير الذي مازال بين مادحيه وقادحيه في أكثر من مدرسة ومنتدى أدبي إلا أن اجتهاده وإصراره وعناده جعلاه أميرا لهذا النوع وقد نال المرتبة الأولى بين الشعراء العرب فيه.
ويحلو للشاعر أن يعزف باستمرار على الوتر الذي تشنف به آذان السوريين فيستذكر أسماء المدن السورية والأرياف المناضلة ويمنحها هوية العروبة المزينة بسيوف العز والجهاد والعناد والاستشهاد، فعندما يخص المدن السورية بباقة زهر ندي وزخة عطر شهي من الثناء والإكبار يخاطب سورية العربية التي تعد مشعلا للحضارة وغابة للأسود ومصنعا للسيوف فيقول:
فيكي الحضارة والسيوف بتنصقل
فيكي ليوث بارزات نيابها
وبعدما يصف أبطال سورية الذين صنعوا أمجاد الجلاء ويخص الشام وسلطان باشا الأطرش القائد العام للثورة السورية الكبرى بما يستحق من الإجلال والإكبار فيقول.
فيكي السويدا أحفاد سلطان البطل
دم القلب جدي روى بترابها
مدير المركز الإعلامي السوري سليم حمشو تحدث عن أسلوب عمرو ولونه الشعري المميز على المستوى المحلي والعربي وتميز حروفه وقصائده بمتانة التركيب وقوة التعبير وجمال الصورة ليستقطب الكثير من المحبين ويكون ممثلا حقيقيا لثقافة وعادات وتقاليد وقيم الآباء والأجداد حاملا حب الوطن في قلبه أينما وجد.
وتضمن حفل التوقيع عرضا فلكلوريا راقصا لفرقة شهرزاد السورية للفنون الشعبية، إلى جانب شهادات بالشاعر قدمها الشاعران أحلام بناوي وحسام المقداد، وبدا واضحا الانسجام في حالة تعطي المبدع آفاقا جديدة لإبداعه عبر توفير بيئة خصبة لمنتجه الفكري، ولفت مدير دار سين للثقافة والنشر والإعلام أيهم صقر إلى أن ديوان “بنت الكحيلة” نتاج أدبي جمع بين الثقافة الواسعة والالتزام الوطني وانطلق مبدعه من قوة الكلمة ودلالة المسمى حاملا في طياته الكثير من القضايا الوطنية، كما يلمح فيه القارئ التفرد والتميز وتركيز الشاعر على الدفاع عن الوطن وصون عزته وكرامته.
والشاعر باسم عمرو من مواليد السويداء 1983 حاصل على دبلوم إدارة الأعمال والعلاقات العامة من جامعة دمشق ودكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة موسكو صدر له ديوانان “السيف” و”البيرق” وشارك في مهرجانات ومسابقات للشعر الشعبي والنبطي في دول عربية ونال عدة جوائز كما منح وسام الاستحقاق من المرتبة الأولى في الجمهورية العربية السورية.
رفعت الديك