أردوغان يحتال لإعادة الانتخابات في اسطنبول
يبدو أن خسارة الانتخابات البلدية في مدينة اسطنبول دفعت القائمين على حزب العدالة والتنمية وفي مقدمتهم رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان إلى فقدان أعصابهم، فلجؤوا إلى حيلة جديدة، كالادعاء بأن المعارضة زوّرت الانتخابات، حتى أن الاعتراضات التي سجلتها لجنة الانتخابات في اسطنبول كانت الأكبر في تاريخ المدينة التي تمثّل ثقلاً كبيراً في السياسة التركية، وفي آخر محاولات أردوغان وحزبه الإخواني للاستيلاء على رئاسة البلدية كشف الموقع الالكتروني لصحيفة جمهورييت المعارضة أن حزب أردوغان تقدّم بطلب جديد يطالب فيه بإعادة انتخابات اسطنبول، مدعياً فيه أن هناك 14 ألفاً و712 شخصاً سبق فصلهم من أعمالهم ووظائفهم منذ المحاولة الانقلابية المزعومة عام 2016 قد أدلوا بأصواتهم في الانتخابات المحلية التي جرت يوم الـ 31 من آذار الماضي.
مناورة جديدة رأت فيها المعارضة التركية لعبة سياسية من أردوغان الذي يخشى كشف فساد ربع قرن من إدارة حزبه لاسطنبول، ولذلك يستميت بكل الطرق لاستعادة المدينة التي يخصص لها ميزانية ضخمة سنوياً.
وتعد خسارة اسطنبول، العاصمة الاقتصادية لتركيا التي يساوي سكانها نسبة 20 بالمئة من سكان تركيا، صفعة انتخابية غير مسبوقة للرئيس رجب طيب أردوغان الذي ترأس بلدية المدينة بين عامي 1994 و1998.
وتولى رئيس البلدية الجديد أكرم إمام أوغلو، عضو حزب الشعب الجمهوري، منصبه يوم الأربعاء الماضي، وذلك رغم تقدّم حزب العدالة والتنمية بطلب رسمي لإلغاء وإعادة الانتخابات على منصب رئيس البلدية بسبب ما قال إنها مخالفات.
وتعهد إمام أوغلو بالعمل من أجل جميع سكان المدينة البالغ عددهم 16 مليون نسمة، وقال: لم نستسلم قط، ولم نتخل عن معركتنا، ونحن على علم بمسؤولياتنا واحتياجات هذه المدينة، وسنبدأ في تقديم الخدمات على الفور.
صحف عالمية وصفت نتائج الانتخابات المحلية التركية وخسارة حزب أردوغان فيها بأنها بطاقة حمراء من الشعب التركي بوجه أردوغان وسياساته، وبهذا السياق وصفت صحيفة الغارديان البريطانية تلك النتائج بمثابة رسالة واضحة وجهها الشعب التركي لأردوغان الذي ربط حكمه القمعي بنجاحه في صناديق الاقتراع، وقالت في مقال لها: إن أردوغان لم يحوّل الانتخابات إلى مسألة شخصية فحسب، بل تجاوز ذلك ليصفها بأنها مسألة بقاء وطني، مصوراً خصومه على أنهم خونة وإرهابيون وعقد ثمانية تجمعات انتخابية يومياً، لكن الشعب أعطى حكمه ووجّه رسالة واضحة له.
بدورها صحيفة الواشنطن بوست الأميركية أكدت أن فوز المعارضة التركية بالانتخابات المحلية في عدد من المدن الكبرى يمثّل هزيمة كبرى لأردوغان وسقوطاً لصورته أمام جمهوره ناقلة عن سولى أوزيل أستاذ العلاقات الدولية في جامعة قادر هاس باسطنبول قوله: إن خسارة حزب أردوغان في اسطنبول وأنقرة تشكّل خسارة كبيرة من الناحية النفسية لأردوغان نفسه وأن هذه النتائج ستكون لها تداعيات عليه أكثر من مجرد الرمزية.
واعتبر محللون أن هزيمة مرشح حزب العدالة يلدريم، وهو آخر من تولى رئاسة الحكومة قبل إلغاء المنصب ضربة عميقة للحزب الحاكم بسبب مكانته السياسية أولاً وإلقاء أردوغان بكل وزنه السياسي لدعمه في اسطنبول ثانياً ما يعكس حجم المأزق الداخلي الذي يعانيه حزبه بين أوساط الشارع التركي من انتكاسة شعبية كبيرة جراء سياساته التعسفية في الداخل والخارج وخصوصاً دعم الإرهاب في سورية وعجزه عن معالجة الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، وأدت إلى شبه انهيار لليرة التركية وتضاعف أعداد البطالة.
نتائج سياسات حزب العدالة التعسفية في الداخل والخارج دفعت إلى وقوع انشقاقات داخله، إذ كشف الكاتب التركي حسن أوزتورك في صحيفة يني شفق الموالية لأردوغان عن انشقاقات لنواب برلمانيين ووزراء سابقين عنه رغبة منهم في خطاب آخر مع حزبين جديدين لحلفاء سابقين، وقال: إن الرئيس السابق عبد الله غول ورئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو يعتزمان تأسيس حزبين جديدين وليس حزباً واحداً كما تردد خلال الآونة الأخيرة.
أردوغان وهو القائل من يفوز باسطنبول يفوز بتركيا تعصف به الأزمات من كل حدب وصوب منها السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الداخل والخارج، فيما يرى مراقبون أن نتائج الانتخابات تعد مرآة لتدني شعبيته وشعبية حزبه.