اختتـــــام احتفاليـــــة تكريـــــم العالم والفيلسوف السوري ابن النفيس
تم الاحتفاء مؤخراً بالذكرى السبعمئة والخمسين عاماً على نبوغ العالم والفيلسوف السوري ابن النفيس، فهو ظاهرة استثنائية غنية ومبدعة قدمت الكثير من الإنجازات على مر العصور، وقد حملت الاحتفالية الختامية لهذه الذكرى عنوان “ابن النفيس عالماً ومبدعاً” ورافقها معرضا للمخطوطات والكتب الخاصة بابن النفيس وعرض فيلم وثائقي عن دوره في مجال الطب والفلسفة والعلوم، وقد أوضح معاون وزير الثقافة توفيق الإمام أن علاء الدين القرشي الشهير بابن النفيس عالم موسوعي وطبيب مسلم له إسهامات كثيرة في الطب ويعتبر مكتشف الدورة الدموية الصغرى وأحد رواد علم وظائف الأعضاء في الإنسان حيث وضع نظريات يعتمد عليها العلماء إلى الآن ويعتبره كثيرون أعظم فيزيولوجييّ العصور الوسطى وكتب العديد من الأعمال في الفلسفة، وكان مهتماً بالتفسير العقلاني للوحي.
سطوع ونبوغ
ولفت الإمام إلى أنه لم تقتصر شهرة ابن النفيس على الطب فقط، بل كان يعد من كبار علماء عصره في اللغة والفلسفة والفقه والحديث وكان له صفاتٍ ومآثر ميّزته عن غيره من العلماء في مختلف المجالات حتى أنه شُبه بأنه موسوعة علمية متحركة.
وأكد د.نضال حسن أمين اللجنة الوطنية السورية لليونسكو حرص اللجنة وسعيها الحثيث لتعميق العلاقات وفتح آفاقها المستقبلية بين المنظمة والجهات الوطنية المعنية في ميادين الاختصاص كافة، ولقاؤنا اليوم خير مثال على هذه الإرادة التي تعكس إرادة الحياة وقيم الاحترام والانفتاح على الثقافات الإنسانية، مشيراً إلى أن اليونسكو أطلقت برنامجها حول احتفاليات الذكرى لسنوات خلت وأولته الرعاية والاهتمام ثم أخذت الدول الأعضاء على عاتقها مسؤولية الالتزام بالبرنامج والسير به قدماً، فهو برنامج يجري من خلاله الاحتفاء كل عامين بذكرى شخصيات بارزة بهدف الإضاءة على عطاءات الأعلام والمفكرين السباقين في تاريخ الأمم.
ندوة واحتفاء
كما أقيمت ندوة عن ابن النفيس أدارها مدير مكتبة الأسد الوطنية إياد مرشد الذي أوضح أن ابن النفيس يستحق أن يتم تكريمه على انجازاته العظيمة، ووزارة الثقافة كرمته على مدار العام من خلال فعاليات متنوعة في مراكزنا الثقافية تناولت إسهاماته الكبيرة، كما أن سورية كرمته منذ سنوات وأطلقت اسمه على أهم مستشفى في دمشق، فهي لطالما احتفت بالعلماء والمبدعين، وركز د.طالب عمران على الجانب الفلسفي والثقافي لدى ابن النفيس معتبراً أن الحضارة العربية والسورية قدمت الكثير من العطاء ولكن للأسف اندثر الكثير منها، كما أن الكثير من الإنجازات الإبداعية العربية سرقت، وتطرق عمران إلى كيفية إعلان أن ابن النفيس هو مكتشف الدورة الدموية ففي عام 1924 قدم طالب مصري أطروحة باللغة الألمانية عن هذا الموضوع، ومن ثم في عام 1931 تم تقديم تقرير مفصل عن هذه الحقيقة العلمية ومرت السنوات حتى جاء الطبيب عبد الكريم شحادة وقدم أطروحة لجامعة باريس في عام 1952 تثبت أن مكتشف الدورة الدموية هو ابن النفيس والتي أصبحت مصدراً علمياً معترفا بها، وتطرق عمران إلى الجانب الإنساني في شخصية ابن النفيس الذي عرف بمواقفه الإنسانية وكان بطلها، ورأى أنه يجب علينا أن نستعيد ذاكرتنا ولا يمكن لأمة أن تنهض دون ذلك.
وتحدث د.بيان محمود السيد عن الجانب الطبي لدى ابن النفيس قائلاً: رغم الظروف غير المناسبة التي أحاطت بابن النفيس لكنه أبدع وناقش من سبقه وأضاف عليه وهذا يؤكد إمكانية البحث العلمي في ظروف الحرب السورية الراهنة، معتبراً أن ابن النفيس قدم أنموذجا للعالِم السوري الذي أبدع وتجاوز الصعوبات، لافتاً إلى أن له الكثير من المؤلفات في اللغة والفقه والمنطق والسيرة النبوية وعلم الحديث وفي الطبيعة وعلم الكلام، ناهيك عن المؤلفات الطبية وأهمها الشامل في الطب وهو أكبر موسوعة علمية في التاريخ كتبها شخص واحد وتكمن ندرة هذه التحفة العلمية -ولاسيما أننا نتحدث عن عالم منذ ثمانية قرون- في توثيقها ومنهجيتها الفريدة من نوعها بطريقة علمية في سرد الأمور وتقدم تعريفات طبية، وأما كتابه شرح تشريح القانون الذي يتناول الدورة الدموية فهو إبداع مابعده إبداع، ومن ثم تحدث عن المنهج العلمي في كتابة ابن النفيس من خلال المنهج التجريبي واللغة العلمية والدقة المصطلح والكتابة المنهجية.