الأداء الشعبي الاستثنائي!
تفرض علينا هذه الأيام الصعبة التي نعيشها بأحداثها وتداعياتها الكبيرة على كافة الصعد ضرورة إعادة ترتيب يوميات حياتنا، والاستعداد الدائم لمواجهة كافة الظروف التي تهاجم أمننا واستقرارنا، وتلتقي بآثارها السلبية مع عملية تخريب وتعكير نقاء بيئتنا التي نالت نصيباً كبيراً من الأضرار والتعديات، وباتت هدفاً أساسياً لمنظومة الإرهاب التي دمرت الموارد البيئية، ولوثت الكثير منها، وقللت من العمر الافتراضي للكثير من مصادر الموارد الطبيعية.
ولا شك في أن الضغوط الكبيرة التي فرضتها الأزمة على أداء وإمكانيات الجهات المعنية تتطلب أداء شعبياً استثنائياً، ومشاركة فاعلة، سواء من الأفراد، أو من المجتمع برمته، فالمواجهة حتمية ولا مفر منها، ففي كل يوم نخسر المزيد من مكتسبات الماضي بعد أن استباحت عقيدة الإرهاب كل شيء، وأدخلت حياتنا في دوامة اللاعودة، وأغرقت يومياتنا بمئات المنغصات التي تسرق منا حتى فرحة استقبال شهر رمضان الفضيل.
وإذا كنا في هذه المرحلة نواجه فصل الصيف بأعبائه الحياتية المختلفة، وأمراضه، وحشراته الناقلة لها، وأوجاعه البيئية، بإمكانيات متواضعة فهذا يفرض وعياً اجتماعياً، وتكاتفاً استثنائياً بين الجهات المعنية والمجتمع الأهلي، كما يلقي بالمزيد من المسؤوليات على الأسرة التي يتوجب عليها بذل المزيد من الجهود لتفعيل دورها في تعزيز ثقافة استهلاكية جديدة، ونمط حياتي قادر على تجاوز الكثير من الصعوبات والمشكلات من خلال معالجات ذاتية، ومبادرات فاعلة على كافة الصعد، وخاصة في مجال تدعيم البيئة، ومكافحة التلوث، واتخاذ المزيد من الإجراءات الوقائية، والعمل على تجنيد كافة أعضائها في مشروع مكافحة التلوث، خاصة أن الكثير من التوجهات السلوكية تكتسب عبر المشاهدات اليومية لتصرفات الوالدين، والإخوة الكبار، ضمن حاضنة الأسرة، ولذلك عندما نرمي الأوساخ بطريقة عشوائية، وعندما نستخف بقيمة بيئتنا، ونسهم في زيادة أوجاعها ومصائبها، علينا أن ندرك بشاعة تصرفاتنا التي سنرسّخ من خلالها ثقافة التلوث في عقول أبنائنا!.
وأمام الدور الاستثنائي للأسرة في التصدي لمشكلة استنزاف موارد البيئة بكافة أشكالها الدائمة، والمتجددة، وغير المتجددة، علينا جميعاً أن نكون قدوة مثالية، وأن نسهم في بناء اتجاهات إيجابية عند أطفالنا نحو “البيئة ومكوناتها، ودعم قيم النظافة، والمشاركة والتعاون، وترشيد الاستهلاك”، فعندما يوضح الآباء للأبناء كيفية حماية البيئة، وأهمية مكوناتها، ويعلّمونهم معنى البيئة النظيفة، وتداعيات تلوثها على الحياة والصحة، فهم بذلك يغرسون في أذهانهم قيماً بيئية تستهدف حماية الموارد الطبيعية، وتحصين المجتمع صحياً، ويقدمون لأبنائهم فرصة للمساهمة في إنقاذ البيئة، فهل نمارس دورنا بشكل صحيح في إنقاذ بيئتنا، أم نستمر في إطلاق الشكاوى والاتهامات بالتقصير، فنساهم باستهتارنا وإهمالنا لسلامتها ونظافتها في وصولها إلى الشيخوخة المبكرة؟!.
بشير فرزان