محصول التفاح ..بين ارتفاع تكاليف الإنتاج وصعوبات التسويق داخلياً وخارجياً
ريف دمشق – عبد الرحمن جاويش
تبرز في كل موسم مشكلة تسويق مادة التفاح سواء إلى الأسواق الداخلية أم الخارجية، إضافة لضعف التصنيع كعصائر أو مربيات أو غير ذلك، وتبدو المشكلة معقدة في التسويق الخارجي؛ ما يتطلب رفع كفاءة عملية التسويق بدءاً من معاملات القطاف مروراً بالفرز الحقلي، وليس انتهاء بنقل وتخزين المحصول بالشروط المثلى من خلال التعاون بين كافة جهات القطاعين العام والخاص للارتقاء بجودة المنتجات وتعزيز تنافسيتها ودورها الاقتصادي، وانعكاس ذلك بالنتيجة على زيادة الدخل القومي بالتوازي مع تحقيق هامش ربح حقيقي للفلاح.
خطوات مدروسة
إضافة لما سبق فإن جهات التسويق المختلفة تلفت النظر لأهمية إعداد الدراسات التسويقية الداخلية والخارجية للتفاح، ومتابعة أسعاره عالمياً، والإشراف على تنظيم المعارض الزراعية لتسليط الضوء والترويج له كباقي المنتجات الزراعية ضمن دائرة متكاملة للوصول إلى خطوات مدروسة ومبرمجة لكافة مراحل الإنتاج وصولاً إلى التسويق الزراعي المخطط والمتكامل.
ليس بحال أفضل
ولدى تقصينا واقع مزارع التفاح في ريف دمشق تبين أنه ليس بحالة أفضل من حالة مزارع أية مادة زراعية أخرى ولاسيما الفواكه منها، فكلها “في الهوا سوا”؛ إذ إن تسويق التفاح كما تسويق الكرز والدراق لمن استطاع إليه سبيلاً، وعليه فإن وزارة التجارة الداخلية لا تكلف المؤسسة السورية للتجارة إلّا وسعها من استجرار محصول التفاح.. والمشهد ذاته يتجدد في كل عام، حيث تكرر الجهات المعنية سيناريو التسويق، وتستنسخ وعودها السنوية بأنها أعدت العدة لتسويق الإنتاج من المزارعين، ليتبين أن هذه الوعود الرسمية سرعان ما تذهب أدراج الرياح عندما تتعالى آهات مزارعي التفاح بسبب تدني الأسعار التي حددتها السورية للتجارة، وإعراضها حتى اليوم عن شراء التفاح المصاب بحجة أنها تنتظر موافقة وزارة التجارة الداخلية، فيما لسان حال المزارعين يتساءل… إذا تأخرت الموافقة أكثر من ذلك فماذا سيحل بتفاحنا الذي لا يزال على الشجر ينتظر فرجاً ربما لا يأتي!
مقارنة
بمقارنة بسيطة بين الكميات المنتجة والكميات المسوقة، يلاحظ الفارق الكبير الذي ينعكس سلباً على المزارعين المنتجين للتفاح في ريف دمشق والذين يعاني معظمهم من صعوبات التسويق التي تتكرر في كل موسم. وفي هذا السياق يعتبر عدد من مزارعي التفاح أن هذا المحصول هو استراتيجي، وله قوة إنتاجية ويوفر فرص عمل للكثير من الأيدي العاملة، لكن ثمة صعوبات تواجههم لجهة تصريفه، وأمام هذا الواقع الصعب هناك قلق لدى كافة المزارعين خلال الموسم الحالي وخاصة مع عزوف التجار عن تعهد بساتين التفاح أو تعهدها بأسعار لا تتناسب مع تكاليف الإنتاج، طالبين بضرورة مساعدة الحكومة لهم بتسويق محصولهم عبر تصديره، وتفعيل دور المصدرين، وتشجيع تجار الدول الصديقة للتعرف إلى المنتج الزراعي المحلي.
معاناة
يؤكد محمد خلوف رئيس اتحاد فلاحي دمشق وريفها لـ”البعث” أن مشكلة الفلاحين المنتجين للتفاح في الزبداني، ورنكوس، والقنيطرة، وبيت جن، وعرنة هي واحدة، فالظروف التي تمر بها هذه المناطق ومعاناة الفلاحين على أشدها؛ ما يعني التسبب بخسارة محتملة للمنتجين في حال عجزهم عن الوصول إلى حقول التفاح وقطافه، وعدم توفر مستلزمات الإنتاج، مبيناً أن اتحاد الفلاحين يتعاون مع كافة الجهات الزراعية لإيجاد صيغة لإنصاف الفلاح لجهة تحديد أسعار مناسبة للمحصول استناداً إلى الكلفة الفعلية للإنتاج، منوهاً بالدور الذي تلعبه مؤسسة السورية للتجارة، وما تستجره من كميات جيدة من منتج التفاح. وأضاف خلوف أن هناك جهوداً كبيرة يبذلها الاتحاد بمساعدة الفلاحين المنتجين لمادة التفاح من تقديم بذار وأسمدة وغيرها بغية زيادة الإنتاج لهذا الموسم، ومن المتوقع أن يزيد الإنتاج في العام الحالي.
يذكر أن أصناف التفاح في محافظة ريف دمشق تمتاز بالتنوع بين الستاركن والسكري وغولدن، وما زال الفلاح يعاني تسويق المادة بوجود صعوبات في عمليات التصدير عن طريق البحر؛ ما يضطر الفلاحين لتخزين المادة في البرادات، كما أن هناك صعوبات في تأمين مادة المازوت والكهرباء ما يرتّب على الفلاح أعباء إضافية، عدا عن ارتفاع أسعار اليد العاملة والأدوية الزراعية والسماد وصعوبة النقل والتنقل من منطقة لأخرى.