الحرب النووية تتصاعد.. ووسائل الإعلام تتجاهلها
ترجمة: سمر سامي السمارة
عن موقع ذا ستار 19/4/2019
يهتمّ العالم، بلا شك، بتقرير مولر، والعائدات الضريبية لدونالد ترامب، والأفكار المتطرفة للدولة العميقة في أمريكا التي تبقي العالم على صفيح من النار، لكن ألا يوجد متسع وسط كافة وسائل الإعلام للحديث عن خطر إمكانية نشوب حرب نووية أكبر مما كانت عليه منذ أجيال؟.
لم يحظَ التقييم المخيف الذي تلقاه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في الأيام القليلة الماضية من وكيل الأمين العام والممثل السامي لشؤون نزع السلاح إيزومي ناكاميتسو باهتمام وسائل الإعلام. حتى أن قرار ترامب الانسحاب في شباط الماضي من المعاهدة النووية الرئيسية التي وقعها كل من رونالد ريغان وميخائيل غورباتشوف منذ 32 عاماً كانت جديرة بـ 24 ساعة من التغطية الإخبارية، لكن تغيّر المناخ سيطر على الأخبار الرئيسية، فلم تعطِ وسائل الإعلام اهتمامها للحرب النووية.
نادراً ما يجد المعلّقون الوقت لتذكيرنا بأن الحرب النووية ستكون أكثر تدميراً بمقدار 100000 مرة من هيروشيما، وسيموت المليارات من البشر جراء النيران المتأججة ومن السقطات الإشعاعية وتجمّد بقية البشر أو تجويعهم حتى الموت في الشتاء النووي الذي يعقب ذلك خلافاً لمعركة التغيّر المناخي، حيث تخطّط حركة عالمية لدفع القضية إلى جدول الأعمال السياسي. إن الكفاح من أجل تخليص العالم من الأسلحة النووية أصبح ميئوساً منه، وكأنه مارد خرج من الزجاجة.
هذا الإحساس باليأس -الذي تروّج له صناعة الأسلحة- في غير محله. صحيح أنه لا توجد وسيلة لإلغاء اختراع الأسلحة النووية، ولكن يمكن إزالة أخطر تهديد يمكن أن يفرضوه. في الواقع، هذا الهدف في متناول اليد.
وقد توصل إلى هذه النتيجة عدد من الخبراء، مثل المحلّل العسكري السابق دانييل إلسبرغ، الذي اشتُهر بتسريب أوراق البنتاغون في السبعينيات والذي عمل كمخطط حرب نووية لإدارة كينيدي.
كتب إلسبرغ في كتابه الأخير “آلة يوم القيامة” أنه من المحتمل أن يكون أكبر تهديد نووي اليوم هو الحرب النووية العرضية، أي إنذار إلكتروني كاذب يتسبّب بضربة وقائية من جانب الولايات المتحدة. فقد أصبحت نهاية الحضارة الإنسانية بسبب خطأ في الكمبيوتر ممكنة بسبب استمرار وجود مئات الصواريخ الموجهة من الأرض في البلدين في حالة تأهب وجاهزة للإطلاق عند أقل استفزاز.
وبحسب بروس بلير الباحث في قضايا الأمن النووي في جامعة برنستون، في حال أشارت البيانات المستمّدة من نظم الإنذار إلى أن هجوماً نووياً قد يكون وشيكاً، فستبدأ العملية في إطار زمني ضيق بشكل غير مفهوم، وسيكون أمام القائد الأعلى للأسلحة الإستراتيجية الأمريكية وقت لتقديم إحاطة مدتها 30 ثانية فقط للرئيس، والذي سيكون عنده 12 دقيقة (أو أقل) لتقييم الخيارات. تجعل هذه الجداول الزمنية من المستحيل اتخاذ قرار مجدٍ حتى من قبل ممن يتمتعون بذكاء حاد.
وفي حين يتفق خبراء نزع السلاح على أن الهدف النهائي هو إزالة جميع الأسلحة النووية، يصرّ إلسبرغ وآخرون على أن الهدف الأكثر إلحاحاً لإزالة هذا الوضع الاستثنائي الخطير -حالة إطلاق النار- يمكن أن يتحقّق مع الحفاظ على الردع النووي ضد العدو أولاً.
في الواقع، ناقش كل من جورج دبليو بوش وباراك أوباما خلال حملتهما الرئاسية تقليص حالة الاستنفار القصوى في الترسانة النووية الأمريكية، بينما يذهب ترامب الآن في الاتجاه المعاكس، متبعاً نهج تحديث مكثف للأسلحة النووية الأمريكية، الذي حثّ عليه جون بولتون مستشار الأمن القومي المتطرف والذي يساند منذ مدة طويلة حشد الأسلحة النووية.
وحتى الآن معارضة اقتراح إدارة ترامب زيادة الميزانية العسكرية الأمريكية المتضخمة بشكل كبير من 720 مليار دولار العام الماضي إلى 750 مليار دولار هذا العام ضئيلة، فالديمقراطيون راضون إلى حدّ كبير، حيث وافقوا على 736 مليار دولار، كل هذا يجعل الأميركيين -وبقية العالم- أقل أماناً.