أوروبا تفتقد القيادات النسائية
يعاني الاتحاد الأوروبي من مشكلة ابتعاد أو إبعاد النساء عن المناصب الهامة في منظماته، إذ لم يكن للاتحاد رئيسة للمفوضية الأوروبية، أو المجلس الأوروبي، وقد سُجلت في هذا الإطار حالتان فقط، حيث كانت هناك رئيستان للبرلمان الأوروبي من النساء، سيمون فيل، في الفترة من 1979 إلى 1982، ونيكول فونتين من 1999 إلى 2001.
اليوم لا تشكّل النساء إلاّ ثلث أعضاء الاتحاد، لذلك ستكون انتخابات البرلمان الأوروبي في 26 أيار الحالي فرصة لتغيير هذا الوضع، لأنه بالمقارنة مع
انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة في تشرين الثاني الماضي شمل الكونغرس الأمريكي الجديد عدداً قياسياً من النساء وممثلي الكونغرس الجدد أول مرة.
إن العوامل التي أدت إلى نجاح النساء في أمريكا موجودة في أوروبا أيضاً، لأن
المناخ السياسي مؤات، خاصةً أن المشككين بالاتحاد الأوروبي والشعبيين قد يحققون مكاسب كبيرة في انتخابات أيار، فهناك تصدعات عميقة متزايدة بين الدول الأعضاء وبروكسل ولا سيما عندما يتعلق الأمر بسيادة القانون ومستقبل المشروع الأوروبي، أي إن القارة ناضجة للفوضى.
لا شك أن برلماناً أوروبياً أكثر تنوعاً من شأنه أن يغيّر الوضع الراهن، فمنذ فترة طويلة تخضع المؤسسات الأوروبية لنفس المجموعات القوية، وتدار بنفس الطريقة. وبالطبع، ليست النساء قادة أفضل بالضرورة، ولا سيما إذا ما تأملنا في الإرث المثير للجدل لـ مارغريت تاتشر في المملكة المتحدة، أو الخطاب المعادي للهجرة من مارين لوبان الفرنسية، وزعيمة اليمين الألماني المتطرف أليس فايدل، ومع ذلك تظهر الأبحاث أن وجود عدد أكبر من النساء في الأحزاب السياسية يجعل عملية صنع السياسة أكثر شمولاً وتوازناً، إذ تميل القيادات من النساء إلى بناء الإجماع، ممن يستمعن، ويركزن على الحصول على النتائج، والعمل عبر الأساليب السياسية.
كانت عضوات الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي من بين أكثر النساء إنتاجية في السنوات الماضية، لذلك إذا كانت أوروبا تريد أن يؤمن الناس بالإمكانات الديمقراطية للمشروع الأوروبي، فإن الأصوات الانتخابية يجب أن تعكس توجهات السكان الأوروبيين ومساعدة المزيد من النساء على شغل مقاعد أكثر، وهذا في مصلحة الأحزاب السياسية، فمن خلال تقديم قوائم أكثر تنوعاً، يمكنها التواصل مع مجموعة أكبر من الناخبين، والتعبير بشكل أفضل عن احتياجات ناخبيها، لكن يتوقف تغيير الوضع الراهن أيضاً على استعداد النساء الأوروبيات لتطوير أنفسهن.
في الولايات المتحدة، حفّزت خسارة هيلاري كلينتون جميع النساء ودفعتهن للإدراك أنه يتعين عليهن اتخاذ إجراءات للتأكد من أن تلاقي أصواتهن الصدى بشأن القضايا التي تؤثر على حياتهن بشكل كبير، ليس فقط الرعاية الصحية والحقوق الإنجابية، ولكن أيضاً الهجرة والأمن والاقتصاد.
في أوروبا، أيضاً، يجب أن تكون النساء أكثر صراحة حول ما هو مهم بالنسبة إليهن، فهناك الكثير مما يدعو للقلق حول عدم اليقين بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وصعود الشعوبية اليمينية المناهضة لأوروبا، والقضية التي لم تحل بعد، وهي كيفية التعامل مع الهجرة أو إصلاح منطقة اليورو. لقد أجبرت المخاوف بشأن هذه القضايا النساء على الترشح في الانتخابات الأوروبية، وهن: تينا دي مي من الديمقراطيين الأحرار في ألمانيا، وآيريس ميير من حزب الإصلاح في استونيا، وفالاري كلاتيني من الحركة الإصلاحية البلجيكية. كلها أمثلة جيدة على البرلمانيات النساء اللائي يرغبن في إحداث تغيير في النمطية الأوروبية.
عناية ناصر