حرب ترامب الفاشلة على إيران
ترجمة: علاء العطار
عن “كمن دريمز” 27/4/2019
يزداد هوس الولايات المتحدة وتابعيْها السعودي والإماراتي، بإخضاع إيران بعد فشلهم في سورية، غير آبهين بما سيحلّ بالعالم جراء تصرفاتهم الغبية التي ذاقوا الكثير من آثارها المُرّة، لكن أنّى للمخابيل أن يدركوا ما ستجرّه عليهم أفعالهم من ويلات؟!.
ما زال العالم يرتجف رعباً من التفجيرات التي وقعت في سريلانكا، ولكن تختبئ خلف هذا الرعب أزمة هائلة لم يلحظها العالم حتى الآن، وهي تجدّد التوترات في الخليج المنتج للنفط، وهذه أحدث محاولة تقوم بها الولايات المتحدة للضغط على حكومة إيران المستقلة لإعادتها إلى الوصاية الأمريكية.
أمرت إدارة ترامب المستوردين الرئيسيين، الذي يشترون ما يبلغ 1.2 مليار برميل من النفط الإيراني، بوقف عمليات الشراء على الفور. يشمل هذا الأمر الصين وكوريا الجنوبية وتركيا والهند واليابان. ويكاد يكون هذا الحصار الشامل بمثابة إعلان حرب على إيران، ففي عام 1941 حثَّ قطع أمريكا للنفط عن اليابان الهجوم على بيرل هاربر.
ينتهك حظر النفط القانون الدولي، كما أنه يضع الولايات المتحدة على مسار تصادمي مع بعض حلفائها والدول الخاضعة لها. وعزّزت التهديدات الصفيقة التي لوح بها جون بولتون، ومايك بومبيو ضد إيران صورة أمريكا المشؤومة كقوة إمبريالية تلوّح بعصا الحرب أمام الأتباع العصاة والأمم المستقلة.
أصبحت إيران، تلك الدولة العريقة الفخورة التي يبلغ تعداد سكانها 80 مليون نسمة، واحدة من أكثر الدول معارضة للهيمنة الأمريكية على الشرق الأوسط، وداعماً رئيسياً لحقوق الفلسطينيين والدولة الفلسطينية. وقد وضع هذا إيران على مسار تصادمي مع إسرائيل ومؤيديها الأمريكيين المؤثرين، وخاصة اليمين المتشدّد الذي يعتقد بوجهٍ ما أن يسوع لن يعود إلى الأرض إلا بعد أن توسع إسرائيل حدودها وتتدمّر البشرية.
وفي الأثناء، أعلنت إدارة ترامب، التي لا يمكن تمييزها الآن عن الائتلاف الحاكم اليميني المتطرف في إسرائيل، حرباً افتراضية على إيران. وألغى البيت الأبيض طلباً بقيمة 20 مليار دولار من إيران لشراء طائرات بوينغ، وفرض حظراً على التجارة مع إيران، وتراجع عن الاتفاق النووي المدعوم دولياً مع طهران، وقطع جميع المساعدات للفلسطينيين، واستمر في دعم الحرب السعودية الإماراتية الوحشية على اليمن التي تسبّبت بالمجاعة والأوبئة. كما وافق ترامب بشكل أحادي على استيلاء إسرائيل غير القانوني على مرتفعات الجولان السورية، وهو تصرّف يماثل معاهدة سايكس بيكو عام 1916 التي قسّمت الشرق الأوسط بين بريطانيا وفرنسا، إضافة إلى أن التهديدات الأمريكية تتزايد ضد فنزويلا وكوبا.
وتخطّط واشنطن لاستخدام قواتها البحرية المحتشدة حول إيران لسدّ الطريق أمام صادرات النفط الإيرانية، وتتموضع حاملتا طائرات أمريكيتان ضمن نطاق يمكنهما من ضرب إيران.
وتواجه الصين عقوبات تجارية قاسية بسبب تعاملها مع إيران، ويمثّل ذلك عودة إلى دبلوماسية الزوارق المدفعية في القرن التاسع عشر. وحتى حلفاء واشنطن الأوروبيون قد يتعرضون للعقاب في حال شرائهم النفط الإيراني.
يمرّ عشرون في المئة من نفط العالم عبر هذا المضيق، ويصل عرض هذا الممر الاستراتيجي في أضيق نقطة له إلى 21 ميلاً فقط (34 كم) وبإمكان إيران أن تقطع الطريق أمام ناقلات النفط في المضيق، باستخدام زوارق سريعة مسلحة وألغام وصواريخ صينية الصنع. وسترتفع معدلات التأمين على الناقلات، وهو أمر لا يقلّ أهمية عن سابقه. وبناء عليه ستتسبّب الإجراءات الحربية لترامب وشركائه بارتفاع سعر الوقود، وهو ما سيؤثر بدوره على الحياة في أمريكا.
وعد التابع السعودي (الذي قطع تواً رؤوس 37 من رعاياه) وصديقته الحميمة الإمارات بتعويض النقص في النفط، لكن قد يكون في بال القوات الخاصة الإيرانية المجاورة أفكار مختلفة لا تحسبها السعودية.
وما يزيد هذه الفوضى الخطيرة أن بكين قد تبطئ أو حتى تجهض محادثاتها التجارية مع واشنطن، والتي تعتبر ذات أهمية حيوية للاقتصاد الأمريكي، فقد أخذت الأسواق الأمريكية في الحسبان أن يتمّ إبرام صفقة مع الصين.
ربما يؤدي سعي ترامب غير المنطقي لإخضاع إيران إلى انقلاب بقية العالم على واشنطن، لكن يبدو أن ترامب وشركاءه لا يبالون بذلك. على شخص ما إخبار إدارة ترامب الخارجة عن السيطرة بأن تتوقف عن محاولة الإطاحة بالحكومات التي لا تستسيغها، وإلا فإن التبعات ستكون وخيمة.