قطع الرؤوس الجماعي في السعودية!
ترجمة: البعث
عن غلوبال ريسيرتش 26/4/2019
أعلنت الديكتاتورية الملكية في السعودية أنها نفّذت عملية قتل أخرى، حيث قامت بإعدام 37 شخصاً علنياً في مدن الرياض والمدينة المنورة ومكة المكرمة، وكذلك في وسط القصيم والمنطقة الشرقية بالمملكة. بعد ذلك تمّ صلب إحدى الجثث مقطوعة الرأس وتركها معلقةً في الأماكن العامة كتحذير بشع لأي شخص يفكر في معارضة القوة المطلقة للعائلة المالكة الحاكمة.
في السعودية، يُعرف قانون مكافحة الإرهاب الذي تمّ تبنيه عام 2017 بأنه قانون “إرهابي”، لأنه بشكل أساسي ينصّ على عقوبة الإعدام لأي شخص يتجرأ على انتقاد الملكية السعودية أو حاكمها الفعلي، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
في عهد بن سلمان، الحليف الأقرب لإدارة ترامب في العالم العربي، تضاعف عدد عمليات الإعدام. في العام الماضي، قطع النظام رأس 149 شخصاً، إلا أنه قطع رأس 105 أشخاص في عام 2019.
لم يُسمح لأي من هؤلاء الأفراد بالتحدث إلى المحامين أثناء التحقيقات التي أُجريت عن طريق التعذيب. وقد حُرموا من زيارات عائلاتهم، واحتُجزوا في الحبس الانفرادي، وحُكم عليهم بالإعدام في محاكمات جماعية صورية كانت تفتقر إلى قدر ضئيل من الإجراءات القانونية الواجبة.
لقد شكّلت جرائم القتل الجماعي الوحشي التي ارتكبها النظام في الرياض عملاً سياسياً محسوباً مدفوعاً بأهداف محلية ودولية. كان ما لا يقلّ عن ثلاثة من الذين تمّ إعدامهم من القُصَّر وقت ارتكاب جرائمهم المزعومة، مما جعل إعدامهم انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الذي يحظر عقوبة الإعدام على الأطفال.
عبد الكريم الحواج (16 عاماً) تمّ اعتقاله ووجّهت إليه تهمة المشاركة في المظاهرات، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتحريض على معارضة النظام الملكي. كما زُعم أنه ساعد في صنع لافتات تحمل شعارات تندّد بالنظام. تمّت إدانته بناءً على اعتراف انتُزع من خلال التعذيب، بما في ذلك الصدمات الكهربائية، واحتُجز، ويداه مقيدتان بالسلاسل فوق رأسه.
تمّ اعتقال سلمان قريش بعد عيد ميلاده الثامن عشر بتهمة ارتكاب جرائم عندما كان حدثاً. نفى حقوقه القانونية الأساسية، وحكم عليه بالإعدام في محاكمة جماعية.
مجتبى السويكات كان في السابعة عشرة من عمره عندما تمّ القبض عليه في مطار الملك فهد الدولي عام 2017، وأمسك به وهو يستعد لصعود طائرة إلى الولايات المتحدة لبدء حياته كطالب في جامعة ويسترن ميشيغان التي أصدرت بياناً في حينها “كأكاديميين ومدرّسين، نفخر بالدفاع عن حقوق جميع الناس، أينما كانوا في العالم، في التحدث بحرية والمناقشة بصراحة دون عائق أو خوف.. إننا نعلن علناً دعمنا لمجتبى”. لقد تجاهل النظام السعودي، برئاسة حاكمه الفعلي الأمير محمد بن سلمان، هذا الاحتجاج مع آخرين من منظمات الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان، مقتنعاً بأنه يتمتّع بالإفلات التام من العقاب بناءً على الدعم الذي يتمتّع به من واشنطن.
كان حمام الدم الذي نظمه النظام السعودي يوم الثلاثاء الفائت هو الأكبر منذ عام 2016، عندما قطع رأس 47 رجلاً في يوم واحد، بمن فيهم رجل الدين البارز الشيخ نمر باقر النمر، ما أثار احتجاجات غاضبة في المنطقة، بما في ذلك في طهران، حيث استخدمت الرياض هذا الضجة ذريعة لكسر العلاقات الدبلوماسية مع طهران وتصعيد حملتها المناهضة لإيران في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
منذ ذلك الحين، انضم القمع المتواصل في المنطقة الشرقية إلى حرب الإبادة الجماعية التي تشنّها القوات التي تقودها السعودية ضد اليمن، مما أودى بحياة ما لا يقل عن 80.000 يمني وترك أكثر من 24 مليون شخص -80 في المائة من السكان- بحاجة إلى المساعدة الإنسانية، وكثير منهم على وشك المجاعة.
لكن المسؤولية الرئيسية عن جرائم النظام السعودي تقع على عاتق الراعي الرئيسي، وهي الإمبريالية الأمريكية. والملكية الوحشية في السعودية، بقطع رؤوس العامة، ليست مجرد بقايا من التخلّف الإقطاعي، إنها بالأحرى نتاج مباشر للتدخل الإمبريالي الأمريكي في الشرق الأوسط، ومن مبيعات الأسلحة التي حصلت عليها شركة “تكساكو وستاندرد أويل” في الثلاثينيات والأربعينيات والتي تجعل الملكية السعودية اليوم الزبون الأول للصناعة العسكرية في الولايات المتحدة.
لقد استجابت واشنطن لقطع الرؤوس الجماعي في المملكة العربية السعودية بصمت كبير، في حين أنه خلال اليوم السابق للإعلان عن قطع الرؤوس، أصدرت وزارة الخارجية بياناً فيما يتعلق بتشديدها الشديد للعقوبات المفروضة على إيران، طالبةً منها “احترام حقوق شعبها”، ولم يكن هناك أي نداء من هذا القبيل إلى الرياض، أقل بكثير من أي إدانة، بسبب القُصّر الذين قطعوا رؤوسهم في الساحات العامة.
البنتاغون ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية شريكان كاملان في قمع الملكية السعودية في الداخل، تماماً كما قدّمت الولايات المتحدة القنابل ومعلومات الاستهداف، إلى جانب تزويد القاذفات السعودية بالوقود، والتي مكّنت من شنّ حرب إجرامية ضد اليمن.
منذ عام بالكاد، تمّ تكريم ولي العهد بن سلمان باعتباره “مصلحاً” من قبل الحكومة الأمريكية، وجامعة هارفارد، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، إضافة إلى مجموعة من المليارديرات الأمريكيين، من بيل غيتس إلى جيف بيزوس وأوبرا وينفري.
وفي نظرة أعمق، توفر عمليات الإعدام في السعودية منظوراً مناسباً لعرض السياسة الأمريكية بالكامل في الشرق الأوسط، لأن حمام الدم هو تجسيد للأهداف المفترسة التي تتبعها الإمبريالية الأمريكية في المنطقة. إن دفاع واشنطن عن هذا النظام الفائق الاعتماد والاعتماد عليه يكشف كل الذرائع المقدّمة للتدخل العسكري الأمريكي المتتالي، من ما يُسمّى “الحرب على الإرهاب” إلى الترويج المفترض لـ”الديمقراطية” و”حقوق الإنسان”!.
في النهاية، فإن السياسة الخارجية للولايات المتحدة التي تقوم على تحالف استراتيجي مع بيت آل سعود ستثبت حتماً أنها بيت من الأوراق سوف ينهار مع إحياء الصراع الطبقي في الشرق الأوسط والولايات المتحدة وعلى الصعيد الدولي.