ثقافةصحيفة البعث

نقد أم تشجيع للمشاركين في مهرجان سينما الشباب؟؟

 

تفاوتت ردود أفعال بعض المخرجين السينمائيين المشاركين في مهرجان سينما الشباب والأفلام القصيرة بين راضٍ ومتذمِّر من بعض الكتابات التي تناولت أفلامهم والصادرة عن بعض الأقلام المختصة وغير المختصة التي عبّر أصحابها عن آرائهم بما شاهدوه.. وقد استطلعت “البعث” آراء بعض المخرجين حول أولوية حاجتهم للنقد أو للتشجيع بالدرجة الأولى وهم يخطون خطواتهم الأولى نحو عالم السينما.

النقد البنّاء
يبيّن الناقد عمار أحمد حامد أنه ضد القسوة في النقد، مع تأكيده على ضرورة عقد جلسات حوار وورشات عمل هادفة يتم فيها الحديث عن تجارب الشباب، موضحاً أننا نحتاج للنقد البنّاء حتى لا نحبط المخرجين الشباب، ومؤكداً أنه حتى المخرجين الكبار يخطئون ولا يوجد فيلم كامل، لذلك يجب ألا يكون النقد سلاحاً يوجه إلى وجوه المخرجين، وأن المخرج عادةً يتعلم من أخطائه لأن ثقافتنا قائمة على عدم تقبل النقد فلا نمارسه بشكل صحيح ولا نتقبل أية فكرة سلبية عن أعمالنا.. من هنا يجب أن نربي أولادنا منذ البداية على تقبل النقد والرأي الآخر.

النقد حالة صحية
ويؤكد المخرج فراس محمد الذي حاز فيلمه “الحرامي” على برونزية المهرجان أن الهاوي بحاجة للنقد والتشجيع معاً، والمشكلة برأيه غياب عنصر من هذين العنصرين في الكثير من الكتابات، فنرى إما التشجيع المبالغ فيه أو النقد المبالغ فيه والذي يغيب فيه عنصر التشجيع، وهنا تكمن المشكلة، مشيراً إلى أن بعض تجارب الهواة تتلمس خطواتها نحو عالم السينما، والناقد الحقيقي سيراها، وبالتالي هذه النوعية من الأفلام برأي محمد بحاجة لنوعية خاصة من النقد، ونوعية التجربة تفرض نوع النقد، مع إشارته إلى وجود خلل ليس بالنقد بل بمفهوم النقد عامة في الوقت الذي لا يتقبل فيه الناس عادةً النقد، وغالباً ما يتفاعلون مع منجزهم بعيداً عن النقد، في حين يجب أن يدركوا أن إمكانية النقد وتقبّله حالة صحية وواردة لتستمر العجلة الإنتاجية، منوهاً إلى أن الكتابات النقدية يجب أن تفرق بين نقد الشباب ونقد المنظومة التي تنتَج لهم، مع تأكيده على أن السينمائي يجب أن يبتعد عن ذهنية عدم تقبّل الرأي الآخر.

النقد القاسي يحبط
أما لوتس مسعود فترى أن الشباب في تجاربهم الأولى بحاجة إلى التشجيع والنقد البنّاء لأنه ضروري ليطور صاحب التجربة تجربته، مع تأكيدها على أن النقد القاسي يحبطه ويجعله غير قادر على الاستمرار، منوهة إلى أن ثقافتنا وعقليتنا لا تتقبل الرأي الآخر، معترفة أنها في تجربتها المسرحية الأولى لم تتقبله بالطريقة الصحيحة، ولكن مع الوقت والخبرة بدأت تقتنع بالآراء المختلفة المبنية على أُسس صحيحة، وهذا الأمر برأيها يكتسبه الشخص مع الوقت، ولذلك من الطبيعي برأيها أن يتضايق الهواة من النقد وأن يتعاملوا معه بانفعال وبطريقة غير منطقية في بداية الأمر لأن الهاوي كما يُقَدِّم تجربته الأولى الفنية يخوض تجربة النقد الأولى أيضاً، ولا تنكر مسعود أن العديد من الملاحظات التي أوردها أساتذة في النقد والصحافة قد أخذتها بعين الاعتبار في عملها واستفادت منها لأنها كانت تقوم على نقد موضوعي.

مراوحة في المكان
وتبين أريج دوارة مخرجة فيلم “100 ليرة” الحائز على جائزة لجنة التحكيم الخاصة وجائزة الجمهور أنها مع النقد، والأهم برأيها هو أسلوب النقد الذي يختلف بين ناقد وآخر، مشيرة إلى أن النقد يجب أن يكون بعيداً عن الأسلوب الهجومي لأن أي مخرج، وخاصة في بداياته، من الصعب أن يتلقاه بصدر رحب، أما إذا كان نقداً موضوعياً ومتوازناً، وأهدافه نبيلة فهو مرحَّب به لأنه يضع المخرج الشاب على الخطوة الأولى في الطريق الصحيح لأن الناقد الحقيقي لديه قراءة مختلفة قد تكشف للمخرج رؤى جديدة، ولهذا تميل دوارة إلى النقد، خاصة وأنها مؤمنة أن التشجيع يكون أحياناً السبب في مراوحة المخرج الشاب في مكانه في الوقت الذي هو أحوج ما يكون لملاحظات من ذوي الخبرة والاختصاص والتي يمكن أن يستفيد منها، موضحة دوارة أن المخرج يجب أن يؤمن أن المُشاهد من حقه إطلاق آرائه وأن يهيئ نفسه ليتقبل جميع الآراء لأنه، وفي النهاية ينجز أعمالاً ليشاهدها الجمهور بالدرجة الأولى.

النقد الهجومي
أما فراس جرار وفي رصيده فيلمان ضمن سينما الشباب فيرى أن النقد نوع من أنواع التشجيع، ويأسف لأن النقد المسيطر هو النقد الهجومي، في حين أن أيّ مخرج في بداياته يحتاج للنقد البنّاء والصحيح المبني على أُسس علمية والذي يجب أن يسلّط الضوء على الجوانب الإيجابية والسلبية في أي فيلم، فهذا النقد هو النقد الذي يمكن أن يفيد صاحب التجربة الأولى، مؤكداً أن الجميع بحاجة للنقد وليس المبتدئين فقط.

النقد مطلوب بشدة
ويؤكد حيدر سليطين مخرج فيلم “عازف الليل” أن النقد بشكل أكاديمي والصادر عن مختص يحتاجه في مسيرته التي اختارها لأن أي مخرج هاوٍ –برأيه- سيُقَدِّم عملاً غير احترافي، وأيّ مخرج يعتقد أن فيلمه احترافي وكامل هو على خطأ، خاصة وأن الغاية من المهرجان أن يشارك فيه المخرجون الهواة ليقدموا تجاربهم الأولى استعداداً لتقديم تجارب أخرى بشكل أفضل، وهذا التطور برأيه لن يتحقق إن لم يتقبلوا النقد ويستفيدوا منه، لذلك لا مشكلة عند سليطين في أن يسمع نقداً، بل يرحب به إن كان صادراً عن شخص أكاديمي، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن من يريد أن ينتقد يجب أن يأخذ بعين الاعتبار مسائل عديدة تتعلق بطبيعة المسابقة وشروطها، وبالتالي فإن النقد إذا توجه للبناء العام للفيلم فهو مطلوب وبشدة.

نرحب بالمجاملة
وتؤمن لجين الحجلي مخرجة فيلم “مغناطيس” أن الهاوي بحاجة للنقد والتشجيع معاً، فهو بحاجة للنقد لمعرفة الأخطاء وتجاوزها في تجاربه القادمة، خاصة إذا كانت صادرة عن مختصين وأصحاب خبرة وتجربة، فهؤلاء برأيها يملكون أساسا لتقديم نقد عن معرفة ولأن المجال الذي يعمل فيه الهاوي في السينما صعب وفيه مسؤولية كبيرة فهو بحاجة للتشجيع ليمتلك الحماس للاستمرار، موضحة أن النقد يجب أن يكون بأسلوب ينبئ عن حرص الناقد على تقديم ملاحظات تفيد الهاوي لتكون تجاربه القادمة أفضل، أما عندما يكون النقد هجومياً وشخصياً فإنه ينحرف عن هدفه وقد يجعل الهاوي محبطاً وغير قادر على الاستمرار، معترفة الحجلي أن ثقافتنا ترحب بالمجاملة وترفض النقد، خاصة إذا كان من أشخاص يعملون في المجال نفسه، فبحكم التنافس يكون النقد غير موضوعي، وبالمقابل لا يتقبله الطرف الآخر.
أمينة عباس